وإنى لأعرف عدة من المرضى داويتهم من هذا العارض بمنع من الطعام مدة طويلة مع شرب دواء. وأعرف آخرين ممن كان لهم الغشى، فضلا عن نقصان القوة، داويتهم بالمنع من الطعام البتة، وبدلك كثير لليدين والرجلين، وكثيرا ما أمرت مع ذلك بدلك الفقار كل. فلما أن فعلت ذلك رجعت قوتهم إليهم وبرءوا برءا تاما. وكثيرا ما فعلت خلاف هذا. فرأيت قوما قد اعتزموا على الاقتصار فمنعتهم من ذلك وأعلمتهم أنهم إن اقتصروا وقعوا من الغشى فيما يكرهونه. فجميع من عصانى منهم عرض له من الغشى ما أنذرته به. وأعلمت قوما أنهم إن عولجوا بالحقنة عرض لهم هذا العارض الذى وصفت بعينه. ومنعت قوما من أن يستعملوا أضمدة تحلل وترخى، ومن استعمال الدهن الحار وأنذرتهم بأنهم إن فعلوا ذلك أحدث لقوتهم سقوطا. فلم يعصنى أحد منهم فانتفع بما أشرت به عليه من ذلك. وما أحصى كم من مريض أنذرته بأن شربه ماء العسل يورثه ضعفا وسقوط قوة، فتبين له ذلك. وكم من مريض أعلمته بأن شربه ماء العسل يزيد فى قوته، فوجد ذلك على ما وصفت له. فعند هذه الأشياء كلها وأشباهها من أعمال الصناعة يفتضح المتعاطى للطب وهو لا يحسنه، ويتبين فضيلة المحسن فيه.
Страница 56