بسم الله الرحمن الرحيم المقالة الرابعة عشر من كتاب جالينوس فى عمل التشريح يذكر فيها تشريح العصب النابت من الدماغ قال إن تشريح العصب امر شاق عسر جدا وذلك لاسباب كثيرة منها ان العصب الذى منشاه من الدماغ ومن النخاع لا يمكن استقصاء النظر اليه دون ان تقطع العظام التى تحتوى على منابته قطع ما ينبغى واذا نحن قطعنا تلك العظام وان سلم لنا من العصب الاجزاء التى حول الاجزاء الأخر فلم تنقطع ولم تنهتك اعنى الاجزاء التى منشاها من الغشاء الغليظ من غشاءى الدماغ والنخاع لم يسلم وسط الذى هو بمنزلة القشر الذى حول خشبة الشجرة وان لا ينقطع وينهتك اذ كان اصله ومغرزه فى جسم لين ناعم اعنى فى الدماغ وفى النخاع ومنها ان العصب الذى ينقسم فى العضل فلحم العضل يستره ويغطيه ومنها ان كثيرا من العصب يفوت البصر إدراكه بسبب ما ينبت حوله من الشحم ومنها ان بعض العصب لا يمكن إفراده الابغاية المشقة وذلك بسبب مخالطته لعصب اخر ومنها ان اعصابا كثير يعسر إدراكها بالبصر بسبب صغرها ولا سيما فى ابدان القرود ولذلك احسب ان خلقا كثيرا من اصحاب التشريح انما تبعوا فى امر العصب الصغار جدا اذا ما وجدوه أشبه وأولى بان يقبلوا من عيران يكونوا ينظرون بعيونهم الى تلك الاعصاب وبعضهم قالوا فى ذلك ايضا قولا لا مقنع فيه وأخطاء هولاء بينة جدا من قبل ان يباطشون التشريح اذ كانوا فى إحصاء العصب يغفلون بعض الاعضاء لا يدخلونها فى الإحصاء كانه لا عصب فيها اصلا ويغفلون امر حفر عظم الصلب او امر بعض الثقب التى فى الحفر بمنزلة الثقب الذى فى الفقارة الاولى الذى اغفلوا اصحاب التشريح امره مع امر العصب الذى مخرجه منه بعد منشاه من النخاع والثقب الذى فى العظم الاعظم وهو عظم العجز والثالث مما غفلوه الثقب التى فى قحف الراس والرابع الثقب الذى فى اللحى الاعلى فهذه الثقب كلها تراها عيانا فى الجثة التى قد بلى منها ما على العظام وبقيت العظام وحدها على تركيبها لم تتفرق فى جثث الناس التى يتفق ان تنظر اليها على ما وصفنا فى المقالة الاولى فى اولها وفى ابدان القرود اذا نحن دفناها فى ارض ليست باليابسة حتى ياتى عليها اربعة أشهر واكثر فانه اذا طالت بها المدة فى الارض هذا الطول تعفنت تعفنا جيدا وسقط من تلك الثقب جميع ما فيها من اجرام الاغشية وان تتعفن وتتبرا فهذا اولى من ان تجف وتصلب حتى تصير فى مثال الجلود المدبوغة والذى نريد نحن فى الجثة الباقية لا ان تصير الاشياء الطالعة من الثقب فى مثال السيور وتبقى قايمة فى مواضعها بل انما نريد ان تسقط كلها جملة وذلك ان هذه إن بقيت على حالها جمعت وربطت العظام التى تلقاها بعض الى بعض ولم يتبين مع ذلك منها جوف كل واحد من الثقب واستدارته فى نفسه ومما يدل على ذلك ان هذا الباب بعينه دعا قوما الى ان اعتقدوا ان بعض القحوف لا دروز فيها جملة وبعضها لا يجمع الدروز كلها وأنا أشير على جميعهم ان يميلوا ما رايتمونى افعله مرارا عندى ابدا عظام كثيرة معدة من عظام القرود فتفهمون انتم ايضا بإعدادها وإحضارها عندكم ولا سيما قحف الراس وعظم الصلب فان هذين خاصة تحتاج الى معاينة ثقب القحف وثقب الفقارة واستقصاء النظر اليها وقد رايتم ايضا ان عندى حاضر قحف راس وعظم الصلب من بدن حيوان من الحيوانات المداخلة الاسنان فاما العظم الشبيه باللام فى حروف اليونانيين فانه يحضرنى لا من ابدان هذه الحيوانات التى ذكرناها فقط لكن من ابدان الحيوانات الأخر التى ذكرناها قبل فى المقالة الاولى ايضا وهى الحيوانات التى ليس طبعها ببعيد كثير عن طبع الناس واصنافها ستة فان العظم الشبيه باللام من جميع هذه الحيوانات مع العظام التى تدعمه وتثبته مع الراس وهى عظام هيتها وبنيتها غير متشابهة معدة لى حاضرة عندى وكذلك الفقرة الاولى من فقار عظم الصلب لان فى هذه الفقارة ايضا ثقب قد ذهب امرها عن الاطباء الذين وضعوا الكتب فى التشريح فان من لم يضع منهم كتب ليس يمكنى ان اتكهن واعظم الغيب فى امرهم فادرى أن كانوا لم يعلموا هذا العلم اصلا او قد علموه الا انهم يغشونه علينا وحسدونا اياه فلم يعلمونا اياه كما فعل ذلك قواينطوس الذى كان على عهد ادريانوس فى مدينة رومية مقدم مبرز وكان قد ذهب له الصوت واشتهر بالبصر بالتشريح اشتهارا ليس بصغير الا انه لم يضع كتاب بتة فى التشريح كما وضع مارينوس ونوميسيانوس الذى كان قد برز فى أيام مارينوس فى إسكندرية وكان صاحب علم كثير ومعانى عزيزة فى التشريح قد وضع كتبا كثيرة الا ان كتبه لم تصير الى قوم كثير فى حيوته ومن اجل ذلك من بعد موت هذا الرجل لما احب ايراقليانوس ابنه ان يستاثر وحده بجميع ما خلفه ابوه لم يدفع الى احد من الناس شى البتة وعندما حضرته ايضا الوفاة كما حكوا عنه احرقها على ان ايراقليانوس هذا قد كان واحد ممن أكرمنى فى أيام مقامى الذى كان بإسكندرية غاية الكرامة وكان سبب معرفته لى رجل من خواص أصدقاه وكنت اخدمه غاية الخدمة دايما حتى كنت أكاد اتملقه تملقا على خلاف الراى الذى كنت عليه فى اول امرى وكل ذلك لم يستقبل بى شى من كتب نوميسيانوس التى لم تكن دفعت بعد الى ناس كثير وكان يدافعنى بكتبه ويعنى لى فى كل وقت اسباب يدافعنى بها عنها ولم يكن الرجل ممن لا علم له بالتشريح ولا درية له فيه بل كان عنده من علم التشريح معانى بينها لى كما بينه ساطوروس الذى كان عند الناس احفظ الخلق بمعانى قواينطوس ولا بينها ايضا بالبس الذى كان رئيس تلامذة نوميسانوس ولم يدفع الى احد منها شى انه أحب أن ترتقع له اراء لم تعرف بعد وقد كان لبالبس ايضا كتب نفيسة جدا وفسدت بعد موته قبل ان يتناسخها الناس لانه كان يحتفظ بها فى منزله بالتحريق ولا يزال يدافع دايما بدفعها الى الناس فاما هذه الكتب الكثيرة فى ايدى الناس من كتب بالبس فى التشريح فانما هى كتب كان بالبس يدفعها الى تلامذته ويضم اليها كتاب المدخل لبقراط وذلك عندما كانوا تلامذته يريدون الشخوص الى منازلهم كيما يكون لهم ذلك عدة يستعينون بها على إظهار ما استفادوه عنده من الأدب متى احبوا ذلك وقد كان لتشريح بالبس من الغزارة والغناء اكثر واعظم بكثير مما لهذا الكتاب الجامع لهذه المقالات مع ان هذا ايضا ليس بمستقصى التمام والكمال كما ان كتاب ساطوروس ايضا ليس بتام مستقصى واذا كان الحال فى هذه الكتب على هذا فليست بى حاجة الى ذكر تلامذة أخر من تلامذة قواينطوس الذين كنت حريصا معنيا بلقاهم اجمعين ووجدتهم دون ساطوروس وبالبس واقل منهما بكثير لوقوس الماقدونى الذى له كتاب فى التشريح موجود فى هذا الوقت فى ايدى ناس كثير وإنه رجل لم يكن له فى حيوته عند اليونانيين اسم كبير ولو لا ذلك لكنت لا محالة لا اكسل عن الذهاب اليه ايضا واما كتب لوقوس هذه التى رايتها فى وقتنا هذا فى ايدى الناس فالامر فيها ظاهر بانها معمولة من كتب مارينوس الا انها مملوة كلها خطايا وهى اقرب الى النقصان عن التمام من كتب مارينوس أنه قد كان جرب من التشريح تجارب ليست باليسيرة وهو كان المباشر بجميع ما بينه فى كتبه والناظر اليه بعينه وقد اثبت هذا الرجل ذكر العظام فى كتابه الكبير بغاية الاستقصاء وكان حريصا على وجود جميع الثقب النافذة فى قحف الراس وفى فقار الصلب واستقصاء امرها غير انا نجده هو ايضا يخطى فى الشى بعد الشى كما قد ثبت ذلك فى امره مرارا شتى فى مدينة رومية على راس الملاء بحضرة جميع الاطباء ذوى الاقدار وأنا مبتدى ههنا بذكر اشياء قد رايتمونى ابينها مرارا كثيرة للخواص ومرات ليست باليسيرة للملاء بعد ان اتقدم فالخص معانى الاسماء التى استعملها فى كلامى هذا ذكر ما يدل عليه كل واحد من اسم العصبة والرباط والوتر قصدى فى هذه المقالة ان اصف عمل تشريح العصب الذى مخرجه من الدماغ وبقراط سمى جماعة العصب باليونانية طنون وهذا اسم مشتق من طينين وتفسير طينين اى يمد وانما اشتق له هذا الاسم من هذا المعنى لان افرادا من الناس يظنون ان العصب يمد والعصب يسمى باليونانية ايضا ناورا واشتقاق ذلك من ناوين وتفسير ناوين اى انه يميل وذلك لان اعضاء الحيوان انما تمتد وتميل الى ناحية وناحية اولا بالعصب اذ كان انما العصب بعد اتصاله والتحامه بالعضل يعطى العضل حركة إرادية وكانت جميع الحركات الإرادية انما تكون على ما بينا فى كتاب حركات العضل من العضل وقد وصفت ايضا فيما تقدم من سالف كلامى فى هذا الكتاب بكلام طويل تشريح العضل ومن كان ما قلت فى تشريح العضل حاضر لذكره فهو يعلم علما يقينا ان العضل فى ابدان الحيوان الآت للحركات الإرادية وفى البدن جسم شبيه بجسم العصب منشاه من العظام وهذا الجسم مرة تجده مدور فى مثال العصبة ومرة تجده الى العرض ما هو وعرضه يزيد وينقص وذلك انه كثيرا ما يرق ويعرض حتى يصير فى الرقة والعرض فى حد الاغشية وهذا الجنس من اجناس الاجسام والاعضاء البسيطة المفردة التى فى البدن عديم الحس وهو اشد بياضا واصلب من العصبة وأنا اسميه رباط كيما لا يكون اشتراك الاسم سبب لغموض ما ياتى من الكلام بعد فاما جل الاطباء فانهم يسمون هذا الجسم ايضا عصبا الا انهم يضيفون الى اسمه صفة يعرف بها فيقولون عصب رابط كما قد جرت عادتهم بان يسمون العصب الاخر عصب إرادى او عصب حساس وانهم يضمون احدى هاتين الصفتين الى اسمه وههنا جنس اخر من الاجسام شبيه بالعصب نسميه نحن وترا والاوتار على مثل ما عليه الرباطات من تفاوت المثال وكثرة الصفات وهى فى صلابتها وبياضها وسط فيما بين الاعصاب والرباطات الا ان هذا الجنس من الاجسام ليس بعديم الحس مثل الرباط ومنشاه ابدا من عضلة وبهذا السبب يسمونه عصبة فينبغى لك الآن ان تحتفظ بمعانى هذه الاسماء غاية الاحتفاظ وتذكر دايما انا نحن اذا قلنا عصب فانما نريد به ما منشاه من الدماغ او من النخاع واذا قلنا رباط فانما نريد به ما ينبت من العظام واذا قلنا وتر فانما نريد به ما منشاه ومنبته من العضل فعلى هذا ينثنى امرنا فى استعمال الاسماء الدالة على هذه المعانى التى ذكرناها وهذا وقت ينبغى لنا ان نقبل فيه على ما قصدنا له منذ اول الامر ذكر الشعب التى تصير من الدماغ الى المنخرين يتشعب من الدماغ شعبتين طويلتين شبيهتين بالقرنين تبلغان الى المنخرين وهاتين الشعبتين مع طولها مجوفتين من داخل تجويف شبيه بتجويف أنبوب الزمر وجوهرهما فى مثال جوهر الدماغ لا فرق بينهما وليس العصب كذلك بل جوهره جوهر مكتنز ملزوق فالعصب بهذا السبب أصلب قوما من الدماغ وليس ترى فى العصب ايضا تجويفا مع هذا التجويف الذى تراه فى الشعبتين اللتين تاتيان المنخرين وذلك انه وان كان فى الشعبتين اللتين تاتيان العينين من الدماغ تجويف الا ان ذلك التجويف ليس بعظيم كعظم هذا ولا يدرك كما يدرك هذا بل انما هو تجويف يعسر وقوع البصر عليه صغير وانما يعرف بان يدخل فيه ميل دقيق او شعرة من شعر خزير او غير ذلك من الاجسام الأخر التى فى مثل هذه الرقة وجوهر هاذين الشعبتين ايضا جوهر مكتنز مجتمع الا ان اكتنازه واجتماعه اقل من اكتناز واجتماع جوهر ساير العصب كله ومقدار الخلاف بينه وبينه مقدار الخلاف بين اللبن الذى قد ابتدا ينعقد واللبن الذى قد انعقد واستحكم انعقاده حتى لا ينكز ومع هذا فان جوهر هذا العصب اكثر بعدا عن جوهر الدماغ من بعد جوهر الاعصاب الأخر عن جوهر هذا العصب وهذا الزوج العصب المعروف بالعصب الباصر وموضعه بعد موضع الشعبتين اللتين تاتيان المنخرين فى أثرهما سواء وقد يمكنك ان تنظر الى هذا الزوج العصب نظرا شافيا بعد ان تكشف عن الدماغ ما يحيط به من العظام على ما وصفنا فى المقالة التاسعة من هذا الكتاب وكذلك ينبغى لك ان تفهم الامر فى جميع ما اقوله واصفه لك فيما بعد على ان تبنى امرك ان الدماغ مهيا بمثل تلك الهية وانت تجد منشاء كل واحدة من هاتين العصبتين يمتد الى فوق الى الموضع الشبيه بالحجلة من بطنى الدماغ المقدمين الذى يصير عند انعراج بطن الدماغ الى جانب ثم إن الشعبتين تمران من هذا الموضع فتصيران الى الموضع الوسط الذى عنده تتصل وتلتحم احدى الشعبتين بالاخرى ثم انهما تنفصلان من ذلك الموضع وتفارق احديهما الاخرى وتمران الى موضع العينين على وراب فيكون شكلهما كشكل الخاء باليونانية وهو هذا X وليس يذهب كل واحد من الشعبتين الى خلاف الحصة المحاذية لمنشاها بل العصبة التى منشاها من الجانب الايمن من الدماغ تصير الى العين اليمنى والعصبة التى منشاها من الجانب الايسر من الدماغ تصير الى العين اليسرى وكل واحد منهما اذا صار الى موضع العين نفذ من القحف فى ثقب هناك مدور واذا خرج من هذا الثقب وجاوزه ايضا التحم بالعين وبعد رويتك لهاذين العصبتين ترى عصبتين أخرتين صلبتين منشاهما من الاحزاء القدام من الدماغ ويمد كل واحدة منهما عن الموضع الوسط بمد سواء على مثل ما عليه تينك العصبتين الاخراتين كما ذكرنا قبل من امرها وهاتين العصبتين ايضا تنفذان من القحف الى موضع العين فى ثقبين يماس كل واحد منهما واحدا من الثقبين اللذين ذكرناهما قبل الحاصرين بالعصبتين الباصرتين وتينك العصبتين ألين من هاتين واعظم منهما بكثير واذا صارت كل واحدة منهما فى العين انحلت وصار كل واحدة منهما الطبقة الشبيهة بالشبكة كما وصفنا قبل فى المقالة العاشرة من هذا الكتاب فاما زوج العصب الذى هو اصلب من هذا بكثير واصغر منه جدا فكل واحدة من عصبتيه تنبث فى العضل المحرك للعين التى تاتيها تلك العصبة وقد ذكرنا ذلك ايضا فى المقالة العاشرة من هذا الكتاب فمن اراد ان يعد الشعب المتشعبة من الدماغ مطلقة قال ان الزوج الاول من ازواج العصب الناشى من الدماغ ياتى المنخرين وممره فى الموضع الوسط من الراس والزوج الثانى زوج العصب الباصر وكل واحد من عصبتيه يمر فى مجيه الى جانب الزوج الاول من احد جانبيه والزوج الثالث زوج العصب المحرك للعينين فاما من احب ان لا يعد الشعب مطلقة لكن شعب العصب ومنابتها فانه يعد الزوج الاول زوج العصب الباصر والزوج الثانى زوج العصب المحرك للعينين لانا قد بينا فى كلامنا فى العين ان العين تتحرك بزوج العصب الصلب وتحس الاشياء التى تدرك بالبصر بزوج العصب اللين الذى يسمون اصحاب التشريح عصبتيه بربخين من قبل ان هاتين العصبتين وحدهما مجوفتين تجويفا يدرك ويعرف وقد ذكرت هذا العصب ذكرا شافيا فى المقالة العاشرة من هذا الكتاب واما الازواج الأخر من ازواج العصب فقد عزمت على ان اذكرها فى هذه المقالة ذكر الزوج الثالث والرابع من ازواج العصب النابت من الدماغ وههنا من بعد هذين الزوجين اللذين ذكرناهما قبل من ازواج العصب شعبة عصب لين وهى الشعبة التى يسميها بعض اصحاب التشريح بهذا الاسم الذى ذكرناه ههنا اعنى شعبة عصب لين على ان هذا الزوج ليس هو بألين من زوج العصب الباصر ومن تفقد كل واحد من اجزايه على حدة ولم يعبا بما يرى من جملة منبته خيل له ان هذا الزوج ألين من زوج العصب الباصر وذلك لانه ان امسكه إنسان باصابعه كما يدور كان اجزاؤه تلطا وتتحرك والسبب فى ذلك ان لهذا الزوج اصول كثيرة لا اصل واحد كما لزوج العصب الباصر فهذه الاصول لما كانت مضامة بعضها لبعض ولاقية بعض لبعض مجاوزة ولقاء رخو صارت اذا عمزها الغامز على استدارة لطيف بين اصابعه وبهذا السبب يراها الإنسان ألين من الاعصاب التى لها اصل واحد وللعصب الباصر خلة اخرى تخصه دون ساير العصب أن ظاهره اصلب مما وراء ذلك فى عمقه وليس الفصل فى ذلك يسير والاعصاب الأخر كلها فى اكثر الامر يكون جوهرها كله على مثال واحد او يكون الخلاف فى ظاهرها واجزايها الباطنة شى يسير واما الزوج الثالث من ازواج العصب وهو الذى قلت ان له اصول كثيرة فقد عرض من امره شى له خاصة ليس بموجود فى شى من الازواج الأخر وذلك ان كل واحد من تلك الازواج تراه بعد منشاه ياتى عظم الراس وهو عارى مكشوف ليس عليه من الغشاء الغليظ من غشايى الدماغ شى حتى اذا وقع فى الثقب النافذ فى القحف انضم حوله كما يدور فيخرج من ذلك الثقب على هذا من الحال ويمضى معه دايما الجزء الذى يضم اليه من الغشاء الغليظ كانه واقية له وغطاء يغطيه واما الزوج الثالث فانه يغوص الى عمق الغشاء الغليظ الموضوع تحت الدماغ حتى يظن من يراه ان الطريق الذى يريده انما هو الى اسفل الراس وانه سينفذ فى الجزء الذى تحت هذا الغشاء من عظم القحف لكنه ليس ينفذه ولا يجوزه ولا يخرج الى الموضع الذى اسفل الراس بل انما يصير الى الموضع الذى فى مقدم الراس كما يصير الزوج الاول والزوج الثانى ومما يدل على ذلك انه فى مخرجه من القحف يماس الزوج الثانى فينبغى لك ان تتبع هذا الزوج الثالث وتقطع اولا الجزء الذى فيه يغوص اولا من الغشاء الغليظ الى عمقه فانك اذا فعلت ذلك رايت انه ليس كما كان يغوص الى العمق عند انحداره الى اسفل كذلك يكون ذهابه لكنه يقف ثم ينعطف الى قدام ويتغطى فى طريقه كله بالغشاء الغليظ الذى يخالط مرارا كثيرة هذا الزوج كله جملة ويخالط ايضا اجزاه على الانفراد وتراه ايضا مع ما وصفت من امره لا يستقر على عظم القحف والعظم عارى بل يكون راكب على جزء من الغشاء الغليظ وذلك لان بالخلقة لم تزل عصبة عارية يسترها شى إن تلقى وتماس جوهر صلب ولذلك فى هذا الموضع تحت هذه العصبة جزء من الغشاء الغليظ فاذا كان الامر فى هذه العصبة على ما وصفت فقد وجب ان يكون الشى الذى هو للاعصاب الأخر كلها عند نفوذها فى القحف هو للزوج الثالث منذ اول الامر وذلك ان الغشاء الغليظ يحويه كما يدور بجزء منه يصير شبيه بالأنبوب ويصير هذا العصب فى جوفه ولا يزال معه على هذه الحال حتى يبلغ الى الثقب النافذ فى القحف ثم يصحبه من ذلك الموضع جزء من هذا الغشاء ليحفظه ويوقيه بالدور وترى انت ايضا الطريق الذى يسلكه هذا العصب حتى يصير الى القحف بعد ان تقطع الغشاء وتخلصه من العصب كما يدور فاذا صرت الى هذا الموضع الذى يلقى فيه العصب القحف فاقطع جميع ما حول العصب من العظم وهذا العظم هو عظم الجبهة والحاجبين وموضع العين واقلع ايضا كل واحدة من العينين كما هى على ما وصفت لك فى المقالة العاشرة من هذا الكتاب فانه ليس يمكنك ان تنظر الى طريق هذا العصب بوجه اخر واذا كانت العين قد قلعت وقلع ايضا العظم الذى فيما بين العين والدماغ وهو العظم الذى فيه الحفرة التى تحتوى على العين فانظر اولا نظر متثبت الى جميع الطريق الذى تسلكه عصبتى الزوج الثالث حتى تبلغ الى العينين ثم انظر بعد ذلك كيف ينقسم هذا العصب فى القحف وكيف يخالط الزوج الرابع الزوج الثالث من بعد منشاه بقليل والزوج الثالث اعظم جدا وهو مركب من اصول كثيرة فاما الزوج الرابع فصغير جدا ولذلك صار عندما يخالط الزوج الثالث ويتحد معه يعسر عليك ان تراه يفارقه وينفرد عنه فكيما لا يفوتك شى من الاعصاب التى تنتسج عندما يتحد الزوج الثالث بالزوج الرابع فاكشف اولا على ما وصفت لك بتفقد وعناية جميع الطريق والمسلك وذلك بان تقلع الغشاء الغليظ عن العصبة كما يدور وتقطعه وتخلصه منه بسكين حادة ثم تستتلى بان تقطع بعد هذا الجزء المفروش تحت العصبة من هذا الغشاء ثم مده بصنارة واكشف هذا الموضع كله حتى يقع بصرك على العظم الموضوع اسفل وعلى جميع ما حوله فانك انما تقدر ان تنظر ان كان ينقسم بينهما شى من العصب الى طريقهما الذى يسلكانه بهذا العمل وتنظر الى الغطاء الغليظ انه مثقوب وبعده الى الجزء الذى يقرب ذلك الموضع من الغشاء الغليظ من القحف واذا انت فعلت هذا الذى وصفته لك صادفتك بعد قليل نسيجة الشريانات التى ترتقى الى الدماغ وتصير شبيهة بالشبكة وتحتوى هذه النسيجة فى الاجزاء التى من قدام على اللحم الرخو الشبيه بحبة الترمس الذى يستفرغ من فصل الدماغ ويفيض الى الموضع المعروف البركة والحوض وذلك لانه محدب خاوى الجوف فينبغى لك الآن ان تقطع هذا ايضا وتقطع معه ذلك اللحم الرخو بعد ان تتوقى فى قطعك لما تقطعه من هذه الاجرام وتحذر ان تقطع معها شى من منابت العصب فانك ان لم تخطى فى معالجتك ما تعالجه هناك بالحديد رايت فى بعض الاوقات فى ذلك الموضع عصبة قد اغفلها اصحاب التشريح وهى عصبة تخرج من القحف فى ثقب موضوعة تحت ثقب السمع يرتقى فيه شريان السبات والامر ان فى كل واحد من جانبى الراس تنبت واحدة منهما ظاهر معلوم واما هذه الشريانات فانها تتقسم تقسما كثيرا ويركب بعضها مع بعض تركيبا كثيرا ويصير منها النسيجة الشبيهة بالشبكة فهذه العصبة الواحدة تنبت فى الموضع الذى فيما بين منشاء هذين الزوجين وبين موضع ممرهما الى قدام فاحتفظ الآن بهذه العصبة واستبقها سالمة من كل آفة فانك اذا فعلت بها ذلك علمت انها من الزوج الرابع واما الموضع الذى اليه يصير هذه العصبة فاستمعه منى فيما يستانف من القول واما ههنا فاذكر هذه الواحدة وهى ان هذه العصبة تخرج من القحف مارة فى العظم الحاوى لثقب السمع وهو العظم الذى يسمونه الشبيه بالحجر من قبل جزء منه وهذا الجزء هو الجزء الذى فيه الثقب المعروف بالأطمس وانا ذاكر لك امره فيما بعد واما الآن فصر بنا الى موضع العينين واستعمل القطع كيما تكشف عن الزوج الثالث الذى يجى تحت قاعدتهما العظم الفاصل بينهما الرقيق وانما يظهر لك كل شى تريد إظهاره اذا انت قطعت موضع العينين كله لا من فوق فقط على ما امرتك بذلك قبل هذا بقليل لكن ومن اسفل ايضا فان الامر على ما قلت لك من ان عصب الزوج الثالث موضوع ههنا فاذا انت كشفت عن الاجزاء الموضوعة تحت هذه العظام رايت على المكان عضلة الصدغ ايضا التى انما راها قوم من اصحاب التشريح روية خفية وكيما تظهر لك هذه العضلة حتى تنظر اليها على التمام اقطع جميع عظم الزوج وجميع ما يتصل به ويضامه فاذا ظهرت لك هذه العضلة كلها لم يعسر عليك الامر فى النظر الى العضلة المختفية فى الفم اعنى العضلة التى منشاها من الحفرة التى عند الزايدتين الشبيهتين بالجناحين وتتصل وتلتحم بالموضع العريض من اللحى الاسفل وكيما يستقصى النظر الى هذه العضلة والى الاجزاء الأخر الموضوعة بالقرب منها فاقطع اللحى الاسفل فى موضع اتصاله عند الذقن وفرق بين جزويه ثم اقطع منه ما يتصل به من العضلات الأخر وما يضامه من الطبقة التى تحوى اللسان عن كل واحد من جزءيه الى جانب واذا انت فعلت ذلك رايت روية بينة العضلتين اللتين بهما ينجذب اللحى الى فوق وظهر لك ايضا ظهورا بينا الجزء الذى يتشعب من الزوج الثالث من ازواج العصب ويصير اليهما واذا انت تبعت هذا الجزء وقفيت أثره فى مسلكه كله امكنك ان تقطع من العضل جميع ما يحول بينك وبين النظر الى مضامة العصبة فان هذه العصبة اذا خرجت من القحف صار منها جزء الى المفصل الملتام بين اللحى الاسفل وبين الراس خارج من قدام الأذن وهذا الجزء انما يظهر لك للبصر ظهورا بينا عند ما تشرح العضلة المعروفة بالفراش العضلى وينقسم من الزوج الثالث جزء عظيم فياخذ الى ناحية اسفل ويصير من هذا الجزء اجزاء الى العضلتين اللتين ذكرناهما ثم إن الباقى منه ينقسم فجزء منه يتصل ويلتحم بالطبقة المجللة للسان على ما وصفنا قبل حيث ذكرنا تشريح اللسان فى المقالة العاشرة والجزء الاخر منه يدخل فى عظم اللحى الاسفل من الثقب الذى عند الأضراس وهو ثقب معروف ظاهر فى جميع الحيوانات وموضعه فى اللحى الاسفل فى الجزء العريض منه فى كل واحد من الجانبين واحد من المواضع الداخلة فهذا الثقب يدخل فيه عصبة ليست بكثير الصغر واللحى يقبل هذه العصبة وتستقر منه فى الموضع الذى فيه اصول الأسنان وذلك ان الثقب ممتد عند هذه الاصول فى طول اللحى كله الى موضع الأسنان القطاعة وهى الثنايا والرباعيات وللموضع الذى يمر فيه هذه العصبة من العظم طبيعة خاصية وهى انه اشد رخاوة ولينا من جميع اجزاء العظم وينقسم من هذه العصبة اجزاء تتفرق فى اصول الأسنان وهى فى كل واحد من جانبى اللحى واحدة والعصبة التى تخرج نافذة فى هذا الثقب تنقسم وتتفرق فى الشفة السفلى فهذا منتهى قسمة واحدة من عصب الزوج الثالث التى تنقسم منه بعد خروجه من القحف وتاخذ ذاهبة الى ناحية اسفل فاما الجزء الباقى منه فانه يمر على ما وصفت فى الموضع الذى تحت موضع العينين وينشعب منه شعب اولها يصير الى الجزء الاعلى من اجزاء الفم الذى ليس ياتيه شى من العصبة التى ذكرتها قبل وهى التى تنقسم فى طبقة اللسان ثم يصير منه بعد هذا الجزء جزء الى الأنف مارا فى العمق والى المواضع القريبة من الأنف فبقية هذه العصبة بعضها يمر فى اللحى الاعلى ويصير الى اصول الأسنان التى فيه ومجيه مثل مجى العصبة التى تمر فى اللحى الاسفل والشعب التى تتفرق منه فى اصول الأسنان على مثال الشعب المتفرقة من تلك ثم يخرج بعد ذلك فى الثقب الذى عند الأسنان القطاعة وينقسم فى الشفة العليا على مثال ما تنقسم تلك العصبة فى الشفة السفلى وبعد ان تتقسم هذه وتتفرق على هذا الوجه الذى وصفناه تخرج الشعبة التى تبقى بعدها من الزوج الثالث فى العظم الذى يقال له تفاحة الخد وهو الوجنة وهذا العظم مرة يكون فيه ثلث ثقب ومرة اربع ومن هذه الاعصاب يصير لجميع ما فى اللحى الاعلى حس وحركة اعنى ما هو فيه مما يلى الظاهر تحت الجلد والعضل الذى يعرف بعضل المضغ والعضل الذى يحرك من الأنف الموضع الذى يقال له ورقتى الأنف فقد وضح لك الامر فى جميع اعصاب الزوج الثالث والرابع ووقفت عليها وينبغى قبل ان تاخذ فى تشريح الزوج الخامس ان تفعل هذه الواحدة وتذكر ان تفعلها فى تشريح الزوج السادس ايضا والواحدة التى اقولها لك هى هذه اكشف عن العصبة التى تخرج من الثقب الذى قلت انه فى العظم الشبيه الحجر اعنى الثقب الذى يصير اليه طرف شريان السبات وابتدى من ذلك الموضع فى ذلك الحيوان بعينه من جانب واحد بعد ان تقطع العظم الذى يحتوى على الشريان وعلى هذه العصبة فانك ان لم تقطع احدهما ولم تفسخه لكن تتبع مجيه فى القحف رايت هذه العصبة روية بينة من اول منشاها ومن اى زوجين نشوها ذكر الزوج الخامس من ازواج العصب الذى منشاه من الدماغ قد قلت ايضا قبل ان قولنا شعب الدماغ وقولنا عصب ليس المعنى فيهما واحد اذ كان يصير الى المنخرين من الدماغ شعبتين ليستا عصب فكل عصبة منشاها من الدماغ فهى شعبة من شعبة الا ان ليس كل شعبة تتشعب من الدماغ فهى عصبة لا محالة واذ كان الامر كذلك فبالحق الواجب صار الزوج الاول من جميع ازواج العصب فهو زوج العصب الباصر والزوج الثانى زوج العصب المحرك للعينين والزوج الثالث بعدهما زوج العصب الذى يقال له العصب اللين والزوج الرابع بعد هذا زوج العصب الذى بالقرب من عصب الزوج الثالث متحد معه والزوج الخامس بعد هذه التى ذكرناها هو الزوج الذى يكون من عصبتين منشاء كل واحدة منهما قريب من منشاء الاخرى ونفوذهما من القحف ليس فى ثقب واحد ولذلك قد يقدر الإنسان فى ظنه بان هذا ليس هو زوج واحد بل زوجين ولكن اذ كان مارينوس انما اجراهما فى العدد مجرى زوج واحد وتبعوه فى ذلك معلمينا واقتدروا به فلنسميه نحن ايضا الزوج الخامس وذلك انا متى قلنا فيما نذكره من امره انهما فى كل واحد من الجانبين عصبتين وان كل عصبتين منهما مسلكهما فى ثقبين ثم عددناهما زوج واحد يقرب بعضه من عض لم يكن فى ذلك شى من المضار يدخل علينا فى العلم بمعانى الاشياء وانما تدخل المضرة فى نفس المعنى متى كنا لا نعلم ان الثقب الذى يقال له الأطمس والأعور قد اثبتوا القدماء فى ظنهم بانه أطمس وأعور اذ كان مثقوب على تعريج وموضعه بالقرب من ثقب السمع ومن العصبة التى بها يكون السمع ويخرج منه عصبة واحدة عند الموضع الذى خلف الأذن من الراس حيث الموضع الذى يفضى اليه الثقب ايضا واذ كان الامر كذلك فقد علم ان هذا الثقب وهذه العصبة كليهما من خلف واما من قدام فثقب السمع وعصبته الا ان هذه العصبة اذا جاوزت الثقب الملتوى النافذ فى القحف على تعريج تمر الى قدام الى ناحية اصل الأذن تحت شحمتها وتصير الى الوجه وتتحد بالعصبة التى ذكرناها قبل وقلنا انها تخرج الى مفصل اللحى من الزوج الثالث ويتشعب منها شعب بعضها يوجد فى جميع الحيوانات كلها هى واحدة باعيانها دايما وبعضها لا يوجد دايما ولا يوجد فى الحيوانات كلها والشعبة الاولى منها قد ظهرت مرارا كثيرة فى ابدان الحيوانات التى عضلة الصدغ منها عظيمة ورايتها تتصل وتلتحم بالاجزاء الخارجة منها فى الموضع الذى من خلف الراس واما الشعب التى تتشعب منها تتفرق فى الاجزاء التى قدام الأذن فانها تنقسم فى هذه العضلة مما يلى ظاهرها وفى المواضع القريبة منها فاما جملة العصبة فانها تمتد الى الخد وتنبث وتنفرق من عضل المضغ فى طرف العضلة العريضة وابحث عن هذه الامور كلها وفتشها فى الراس بعد ان يكون بحضرتك قحف الراس موضوع قد اعددته إعدادا جيدا حتى صار يتبين لك فيه جميع الثقب فتقف عليها وتعرفها معرفة بينة ويكون قد تعفن جميع ما فى ذلك القحف من الاجسام اعنى الاغشية والعروق والشريانات والاعصاب ومما هو معلوم انك ان كنت تشرح قردا فينبغى ان يكون القحف قحف قرد وان كانت عنز فقحف عنز وكذلك الامر فى كل واحد من الحيوانات الأخر ايها شرحت فينبغى ان يحضرك قحفه عتيقا حتى تكون تنظر اليه وتتفقده ثم تضرب يدك الى تشريح اى جزء شيت من الراس على حسب ذلك فان نظرك الى ذلك القحف وتفقدك ما تتفقده منه يعينك على إحكام العمل ويرشدك الى السبيل فى استقصايه معونة وإرشاد كثير على ان هذا امر قد كنت قلته لك فيما سلف وعسانى ساعيده فيما يستانف فلان الامور التى تفعلها كثير ينبغى ان تذكر دايما واما أنا فأننى استتم كلامى على ان القحف الذى وصفته لك كانه خاضر موضوع بين يديك ذكر الزوج السادس والسابع من ازواج العصب الذى منشاه من الدماغ من تقدمنا من اصحاب التشريح يعدون السادس من ازواج العصب الذى منشاه من الدماغ الزوج الذى يخرج من اقصى الدرز الشبيه باللام فى حروف اليونانيين ولهذا الزوج ثلثة أصول من العصب وهذه الثلثة بسبب انها تخرج من ثقب واحد وتحويها طبقة واحدة صارت بوهم من يراها كلها عصبة واحدة وينبغى لك ان تلتمس النظر اليها بان تشرح العضل الذى عن جانبى العنق ولا خفاء عليك بان ذلك ينبغى ان يكون بعد ان تتقدم وتكشط العضلة المعروفة بالفراش العضلى مع الجلد فان هذا امر ينبغى لك ان تفهمه فى كل وقت وإن لم نقوله لك نحن فى وقت ما وبالقرب من هذا زوج اخر من العصب وهو الاخر من ازواج العصب الذى منشاه من الدماغ وموضعه بالقرب من موضع الزوج السادس فيتوهم انهما كلهما زوج واحد وذلك فى ابدان الحيوانات الصغار الابدان وواحد من هذه الحيوانات القرد ومما يتوهم به انهما زوج واحد ان الغشاء المجلل لهما غشاء عام يجمعهما وبعد ان يمران قليلا يدخل معهما فى الغشاء الحاوى زوج العصب النافذ من العظم الشبيه بالحجر الذى اغفلوه اصحاب التشريح واذا اختلطت هذه الثلثة الازواج وصار بعضهما مع بعض انضم اليها ايضا وزاد عليها زوج من العصب رابع يضام تلك التى ذكرناها قبل ويخالطها وهو الزوج الذى منشاه من الفقارة الاولى ثم من بعد يلتفت مع تلك الازواج التى ذكرناها ويخالطها الزوج الذى منشاه من الفقارة الثانية وفى هذا الموضع منتهى الشريان المعروف بشريان السبات ومنتهى الوداج الذى يمر فى العمق والامر فى انه واحد فى كل واحد من الجانبين ظاهر معلوم واحد فى الجانب الايمن من العنق والاخر فى الجانب الايسر ولكن ينبغى اذا سمعت بشى يقال فى احدهما ان تفهمه معا فى الاخر فطرف الشريان ومنتهاه يرتقى الى النسيجة الشبيهة بالشبكة وينفذ من الثقب الذى فى العظم الشبيه بالحجر واما طرف العرق ومنتهاه فينفذ من منتهى الدرز الشبيه باللام وهذا العصب والشريان والعرق ينفذ فى كل واحد من الجانبين من ثقب واحد بعينه أما من الجانب الخلف من الثقب فالزوج السادس ينحدر وله على ما وصفنا ثلثة اصول عصب وطرف عرق الوداج الغاير يرتقى ويصعد الى راس الدرز الشبيه بالللام واما من الجانب القدام من هذا الثقب فيرتقى ويصعد من ذلك الشريان المعروف بشريان السبات وينحدر عصبة منه الى اسفل مارة فى الثقب الذى فى العظم الشبيه بالحجر وجميع هذه التى ذكرناها من الشريان والعرق والعصب موضوعة فى موضع واحد صغير بالقرب بعضها من بعض وبعضها يلقى ويماس بعض لقاء مماسة مطلقة وبعضها يتصل ايضا ويلتحم وينتقض بضرب من الضروب وبعضها يجمعه مع بعض اغشية تحوى البعضين جميعا و تلمهما واذا كان الامر فيها كذلك فحق لاصحاب التشريح ان يعرفون اشياء من هذه كثيرة اذ كان فى الغاية من العسر التخليص والبرى بعض من بعض واما انت فاكشط اولا ما يجللها ويحويها من الاغشية ثم اقطع بعد ذلك الاغشية التى تربطها مع بعض ما هناك ثم انظر فى عقب ذلك الى ما بعد الفقارة الاولى والفقارة الثانية فانه ان ظهرت وانكشفت لك هذه ايضا انبتك بعض الإنباء ونبهتك بعض التنبيه على تعرف كل واحد من الاشياء التى ذكرتها لك ولتشرح مع هذه العضلة الخاصية باللحى وأصلح ما تعمل به فى امر هذه العضلة أن تقطعها فى مبداء عملك وتستاصلها لما فى ذلك من المعونة لك على ان يكون نظرك الى العصب والعرق والشريان التى ذكرناها لك أبين وتشرح مع هذه العضلة التى منشاها من اصل العظم الشبيه براس المسلة والعضلة التى تصل ما بين اللحى وبين العظم الشبية باللام فى حروف اليونانيين وتشرح مع هذه ايضا العضلة التى تمتد من هذا العظم الى الكتف وهى عضلة طويلة ضيقة فانك ان فعلت ذلك لم يستغمض عليك النظر الى العصب والعرق والشريان التى ذكرناها لك فالزوج الاول من ازواج العصب الذى منشاه من النخاع كما انه هو ايضا يشتبك وينتسج قليلا مع العصب الذى يخرج فى الزوج السادس كذلك ينتسج ويشتبك معهما ايضا الزوج الذى يخرج من العظم الشبيه بالحجر فاما الثالث فانه انما يخالط اشد المخالطة العصبة التى عند العضلة العريضة من عضل الكتف وجميع العصب والعروق والشريانات التى ههنا يخلص بعضها من بعض على هذا الوجه بعد ان تقطع وتكشط عنها جميع ما عليها من الاغشية حتى ترى كل واحد من العرق والشريان والعصب قد بقى منفردا على حدته ويظهر لك ان اول ما يفارقها ويتخلص منها العصبة التى من الزوج السابع وهى أصلب من ساير العصب الذى يماسها لان عصب الزوج السادس انما يخالف بعضه بعض فى الصلابة شى يسير وكله فى الصلابة اقل من عصبة الزوج السابع فاما العصبة التى تنفذ من الثقب الذى فى العظم الشبيه بالحجر فليس تنقص عما عليه هذا العصب شى بل هى اكثر منه لينا فاما العصبة التى هى أصلب ذلك العصب كله اعنى عصبه الزوج السابع فتفارقها اولا وتاخذ ممتده الى فوق على وراب لى ناحية عضل اللسان وهذه العصبة التى ذكرناها فى المقالة العاشرة من هذا الكتاب ووصفنا كيف يكشف عنها من اراد كشفها والحيوان حى فى أسرع الاوقات ثم يستوثق منها بعد ذلك برباط او يفسخها او يقطعها فيرخى بذلك عضل اللسان كله الذى فيه تنقسم وتتفرق هذه العصبه ويعطله عن الحركة وقد رايت هذه العصبة مرارا كثيرة تنشعب منها شعبة دقيقة جدا الى العضلة التى تجى من الضلع المنخفض من العظم الشبيه باللام الى الغضروف الشبيه بالترس من غضاريف الحنجرة وقد خيل لى مرة فى قرد ان العصبة تاتى هذه العضلة من الزوج السادس ايضا والعضلة ايضا التى تجى من العظم الشبيه باللام الى قس الصدر والعضل الذى يمتد الى ناحية الكتفين اللذى منشاه متصل بمنشاء ذلك العضل مضام له فانى رايته مرارا كثيرة ياتيه العصب الى راسه من الزوج السابع ورايته مرة فى المرار ياتيه العصب الى الاجزاء السفلية منه من الزوج السادس وينبغى لك فى هذا التشريح الذى قصدنا له ان تجيد التثبت باستقصاء فى الرباط الذى يربط الضلع المشرف من اضلاع العظم الشبيه باللام الى منتهى العظم الشبيه براس المسلة فانه مستدير غاية الاستدارة حتى يظن من يراه انه عصبة وهو فى ابدان القرود التى فيها وحدها يظهر للبصر ادق من العصبة التى قلنا انها ترتقى مصعدة الى اللسان وقد قلت قبل ان الزايدة التى للراس المسماة الشبيهة براس المسلة والشبيهة براس الإبرة وهى زايدة غضروفية رقيقة يسميها ايروفيلوس سطيلويدس وذلك ان الاميال التى يكتب بها الألواح المشمعة يسميها خلق كثير ممن فى الإسكندرية وخلق كثير غيرهم من الأمم التى فى نواحى المشرق ممن يتكلم بلسان اليونانيين كلام ردى سطيلو وهذه الزايدة الشبيهة بطرف الميل الذى يكتب به الألواح المشمعة وهى التى سميناها الشبيهة براس المسلة او براس الإبرة منتهاها غضروف محض وكذلك ايضا منتهى الضلع المشرف من العظم الشبيه باللام هو غضروف والرباط الذى يصل ما بين هذين الغضروفين على غاية الاستدارة والدقة فى مثال الفرد بعد الفرد من الاعصاب التى فى العنق وهو ايضا شبيه بعصبة الزوج السابع الا انه دون تلك العصبة فى الغلظ لان تلك العصبة اغلظ من هذا الرباط فإن منع البصر استقصاء من النظر الى الاشياء الموضوعة اسفل من العمق إما هذا الرباط وإما بعض الاغشية وإما لحم رخو وحال بينه وبينها فى هذا الموضع فينبغى لك ان تستاصل ذلك وتقلعه فانك اذا فعلت جميع ما هذا سبيله تبينت لك بيانا ظاهرا مع ساير ما يظهر لك العصبة الخاصية بالحلق الموضوعة فى العمق أبعد من عصب الزوج السابع وهذه العصبة مع هذا ادق من ذلك العصب بكثير ولهاذين السببين صارت تفوت الحس حتى تظن بانها ليست بموجودة اصلا واما انت فاعمل على ما قلت لك من تخليص وقطع الاجسام القريبة من العروق والشريان فانك اذا فعلت ذلك ستنظر الى هذه العصبة ايضا مع ما تنظر اليه وتراها تنشعب منها شعب دقاق تاتى العضلة التى فى الحلق وهى عضلة ايضا صغيرة ثم تصير الى الجزء الباقى منه كله الى اصل اللسان وما رايت فى شى من الحيوانات جزء اخر ثالث يصير اليه شعب من هذه العصبة وهذه العصبة هى واحدة من الثلث العصبات التى للزوج السادس وهى ادق الثلث كلها ومن هذاالزوج عصبتين اخرتين عظيمتين احديهما تخالط الزوج الثالث من ازواج العصب النابت من النخاع وتمتد الى ناحية الكتف والاخرى تضام شريان السبات فى العنق كله فالعصبة التى ترتقى مصعدة الى ناحية الكتف منشاها تحت العضلة العريضة التى تلتحم بالحاجز الذى فى وسط عظم الكتف وهى اول عضلة موضوعة بعد الفراش العضلى واما منتهى هذه العصبة فانت تراه مرة يفنى فى هذه العضلة ومرة تراه يتشعب منه جزء فى اخر الامر يصير الى العضلة التى تصعد من المنكب وههنا للكتفين عصبتين أنا ذاكر لك فى هذا الوقت احفظهما فاقول انك ترى شعبة تتشعب من هذه العصبة فى مخالطتها للزوج الثانى والثالث من ازواج العصب الذى منشاه من النخاع وتصير الى العضل الذى يجى من الراس الى القس والترقوة وشعبة اخرى تاتى العضلة التى منشاها من جانبى الفقارة الاولى وتلتحم بالمواضع المرتفعة من الكتف وقد رايت ايضا انا فى الخزير ان هذا العضل الذى ذكرناه يصير اليه عصبة من العصب النابت من الفقارة الثانية خاصة ولذلك أنا آمرك انت ايضا ان تستقصى النظر وتتثبت فى هذه المخالطة التى يخالط العصب بعضه بعض على حسب ما قد قلت لك ايضا قبل فمتى رايت شيا من عصبة تاتى عصبة اخرى وتتحد معها فتثبت وانظر أتبقى كل واحدة من العصبتين كما هى بعد هذا الاشتراك ام احديهما اقل مما كانت والاخرى اعظم فانه ان كانت العصبتين شعبتين على ما كانتا سواء فالسبب فى مضامة احديهما الاخرى بالطبع طلب الوثاقة والحرز لكل واحدة منهما وان كانت مقاديرهما تتغير فالعصبة التى يقل مقدارها وينقص هى التى منها تنشعب العصبة والتى تصير اعظم مما كانت هى التى تصير تلك العصبة زيادة فيها مع ان اتصال الليف واندماجه والحال فى الانشعاب هما يدلانك من اى تينك العصبتين العظيمتين تنبث تلك العصبة الصغيرة وتاتيهما وتتصل وتلتحم بهما وأنا باحث عن امر العضل الذى يصير اليه من هذه العصبة التى كلامنا فيها شعب فى كلام غير هذا اذكر فيه كل واحدة واحدة من العضل على حدتها مفردة وألخص كم مبداء وكم راس العصب الذى ياتيها واما ههنا فقد حان لنا ان ناخذ فى ذكر العصبة التى بقيت وهى واحدة من الثلث العصبات التى تخرج من منتهى واحدة من الدرز الشبيه باللام فى حروف اليونانيين والكلام يقع ههنا ايضا مضاعفا اعنى كلامين الاول منهما فى الحيوانات التى قد ماتت نلخص امر كل واحدة من شعب هذا الزوج مثل ما ذا مقدارها ومن اى جزء هى من اجزاء العصبة العظمى والى اى اجزاء واى جرم تنقسم والكلام الثانى فى الحيوانات الاحياء اذا استوثق من العصب بالرباط او فسخ او قطع واى واحد من هذه سميته لك فافهم عنى معه ذلك الاخر ومن عادتى ان اسمى هذه كلها باسم يشملها عامة وهو إما آفة او مضرة فاذا وقع التشريح فى بدن حيوان ميت فاول شعبة تظهر للبصر تراها تاتى الشريان الذى يقال له المسبت وشريان السبات وتاتى ايضا عرق الوداج الذى فى العنق غاير ثم إن الشعب الثانية تراها شعبتين بعد تلك تاتيان الحنجرة احديهما تصير الى الخط الذى بحذاء الغضروف الشبيه بالترس من غضاريف الحنجرة من اجزاه العالية والاخرى تاتى العضل الذى يصل ما بين الغضروف الشبيه بالترس وبين المرى ومن الشعبة الاولى وهى ارفع الشعبتين واعلاهما ترى فى بعض الاوقات عصبة تاتى العضلة التى تصل ما بين الضلع المنخفض من العظم الشبيه باللام وبين الغضروف الشبيه بالترس وتضم احدهما الى الاخر ومن بعد هذا تاتى العضل الذى يمر من هذا العظم الشبيه باللام ويصير الى القس ثم إن بقية العصبة كلها تغوص الى العمق من الغضروف الشبيه بالترس الى اسفل فاما من الشعبة الثانية التى هى اخفض الشعبتين فالعضل الذى يصل ما بين المرى والغضروف الشبيه بالترس من غضاريف الحنجرة والعضل الذى يصل ما بين هذا العضروف والعضروف الثانى يصير اليه دايما شعب تتفرع منها ظاهرة واما بقية هذه العصبة فتقسم فى العضل الذى ياتى من الغضروف الشبيه بالترس الى قس الصدر وربما وجدتها تنقسم ايضا فى العضل الذى ياتى القس مع هذا العضل من العظم الشبيه باللام اعنى العضل الذى قد وصفت فيما تقدم كيف تصل اليه وفى الاجزاء العالية منه شعب ظاهرة من عصب مرة تجد منشاه من الزوج السابع ومرة من هذا الزوج السادس ومن بعد هذه الشعب ليس تجد فى جميع العنق شى من الشعب الظاهرة يتشعب من الزوج السادس ولكن هناك ياتى المرى وقصبة الرية أبين وأظهر من هذه الشعبة الا انها هى ايضا دقيقة وقد اغفل امرها جميع اصحاب التشريح الشعب التى تتحد وتتصل بالعصبة الراجعة الى فوق التى انا ذاكر لك امرها بعد قليل ومن بعد العنق فى ابتداء الصدر شعب وان كانت صغار الا انها ليست بخفية تاتى قصبة الرية وهذه الاعصاب تنقسم فى الغشاء المحتوى على الرية من غير ان يتشعب منها شعب ظاهرة تصير الى الرية وهذا امر تجده عيانا على ما وصفت فى ابدان الحيوانات العظيمة الابدان ايضا لا فى القرود وحدها وكذلك يوجد فى القلب الذى يصل اليه ويتصل به شعبة بعد هذه الشعب التى ذكرناها فى الموضع الذى يتشعب منه فيه الوعاء الذى حوله وفيه اصل الطبقة التى تحتوى عليه ويقال لها غلاف القلب فان القلب ايضا ليس يمكن ان ترى فيه عصبة ظاهرة تنقسم فى جسمه وانما ترى فيه فى ابدان الحيوانات التى ابدانها عظيمة جدا عصبة تتغلغل فى جوفه تغلغلا يسيرا واما فى ابدان ما سوى ذلك من الحيوانات فانك لا ترى فيه عصبة اصلا تتغلغل الى جوفه وتلك الشعب التى ذكرناها على حسب الاجزاء التى تنقسم فيها من اجزاء البدن امرها فى ذاك ظاهر فاما الشعبة التى استدركتها أنا وهى التى سميتها الراجعة الى فوق فكونها ليس على مثال واحد من العصبة اليمين والشمال واما استدراكها فعلى مثال واحد وذلك يكون بضربين من العمل احدهما ان تلزم وتتبع العصبة الموضوعة الى جانب شريان السبات الى الصدر وتتفقدها وتنظر اليها من كل جانب من بعد دخولها الاول فى الصدر حتى لا يفوتك ولا يذهب عنك شى من اجزايها المتشعبة منها فانك اذا فعلت ذلك وقعت على راس العصبة التى ترجع الى فوق ووجدت انها ليس على حال واحدة فى الجانبين لكنها فى الجانب الايمن تكون فى طلعتها اسرع بكثير وليس من بعد مقدار كثير من مبداء الصدر حيث تدنو من الشريان الذى فى هذا الجانب اعنى الشريان الذى يرتقى ويصعد الى الإبط ووضعه وضع مورب لان العصبة التى ترجع الى فوق تلتف على هذا الشريان واما فى الجانب الايسر فالعصبة انما يكون انحاها وعطفها على الشريان الذى ينبت من القلب وليس من شعب العصب الذى يمر الى جانب شريانى السبات شى تراه لا يكون موضعه موضع واحد بعينه الا هاتين الشعبتين فقط فاما ساير الشعب الأخر فانت تراها تكون على مثال واحد فى كل واحد من الجانبين اعنى اليمين والشمال فاما المواضع التى منها يكون اول منشاء هاتين العصبتين الراجعتين الى فوق فليس تعحب أن لا يعرفونها اصحاب التشريح اذ كانت مواضع فيها عروق وشريانات واغشية كثيرة وما كان من العصب مبداه واصله الذى منه منشاه مستور مغطى فليس تعجب ان يكون اصحاب التشريح لا يعرفون مصعده ومرتقاه الذى يسلكه فى العنق عند رجوعه الى فوق اذ كان ذلك المصعد والمرتقى مستور مغطى بالاغشية التى الى جانب قصبة الرية واما اتصال هذا والتحامه بالحنجرة فما أدرى كيف لم يعرفه القوم الذين أعناهم امر هذا الجزء من البدن فتعمدوا تشريحه اذ كان هذا الاتصال والالتحام بين ظاهر لا فى ابدان القرود الصغار الضعيفة لكن فى ابدان الكلاب ولمعز والشيران فان معلمينا كانوا يشرحون هذه دايما لان اعضاء الصوت كلها فى هذه الحيوانات عظيمة اعنى بقولى اعضاء الصوت الحنجرة وعضلها وعصبها فانت ترى هذا العصب الراجع الى فوق كبار بين فى الاتصال والالتحام الذى يحدث له هناك وأسهل ما يكون عليك وجود هذا العصب والوقوف عليه اذا انت تقدمت الى القصابين الذين يذبحون البقر ويبيعون كل عضو من البقرة على حدة أن يخرجون لك اللسان مع الحنجرة فانك اذا كشطت وقعلت العضل الذى ياتى من المرى ويستدير حول الحنجرة من ااجانبين وهو العضل الذى قلت انه يتصل ويلتحم بالغضروف الشبيه بالترس رايت على المكان هذا العصب الراجع الى فوق روية ظاهرة ينقسم فى العضل الذى خلف الغضروف الثانى من غضاريف الحنجرة ورايته يغوص الى داخل ويصير مع العضل الى العمق وينقسم فى العضل الذى فى جنبى الحنجرة وفى عمقها وقد عملت فى تشريح هذه الاعضاء ان الذى يطبق الحنجرة ويغلقها العضل الذى من داخل والذى يفتحها العضل الذى من خلف ومن الجانبين ثم إن اطراف هذا العصب تتصل باطراف العصب الذى ذكرناه قبل هذا بقليل وهو الذى يغوص فى عمق الحنجرة من ناحية الاجزاء العالية من اجزاء الغضروف الشبيه بالترس واذا انت رايت هذا العصب فى ابدان البقر فتجاوز البقر الى الخنازير وتفقد فيها مثل ذلك مجى هذا العصب وتقسيمه والامر عليك ان تفعل هذا ايضا سهل خفيف الموونة فان الحنجرة مرة يقلعونها مع كل الرية والفواد ومما لا خفاء عليك ان قصبة الرية ايضا تقلع معها ويسمون جملة هذه اذا اجتمعت المقتلعة وبعد ان تنظر عيانا الى منتها العصب الراجع الى فوق وتفهمه من تشريح مواضع الحنجرة اترك الحنجرة وتخطاها الى جملة بدن حيوان ميت واقطع منه على ما وصفت لك العضلة التى تعم المرى والغضروف الشبيه بالترس حتى اذا انت وجدت اطراف العصب الراجع الى فوق فانحدر هابطا مع قصبة الرية ومر مع العصب لا تفارقه حتى يصير الى الصدر حيث اول منشاه فى ابدان جميع الحيوانات التى لها حنجرة من موضع واحد بعينه وكذلك تقسمه فى اعضاء الحنجرة على مثال واحد بعينه وكذلك الامر فى مضامة العصب الذى يتصل ويلتحم بالحنجرة من الزوج السادس لاطراف هذا العصب يجرى على مثال واحد بعينه وفى مسلك هذا العصب ايضا الذى سلكه فى رجوعه الى فوق مار فى العنق ويتصل ويلتحم فى جميع الحيوانات بشعبة مضاعفة بالعصب الكبار الذى الى جانب الشريانات وهذا الاتصال والالتحام ايضا مما قد اغفله اصحاب التشريح فاما نحن فانا قد خلصنا مرارا كثيرة هذا العصب المعروف بعصب الصوت وميزناه من جميع ما يقرب منه من الاجسام مع العصب الكبار الذى الى جانب الشريانات وبينا كيف يتصل و يتحد اطراف هذه باطراف ذلك وأسهل ما يكون ذلك فى ابدان البقر وذلك لعظمه فيها وبعد البقر فى الكلاب والأسد فان هذا العصب فى ابدان هذه ايضا عظيم وبعد هذه فى ابدان الحيوانات الأخر المداخلة الأسنان وبعد هذا فى ابدان الخنازير وبعدها فى ابدان المعز وآمرك بان تكون كليتك لهذا العصب حتى تجده وتقف عليه فى ابدان الحيوانات الميتة بضربين احدهما أن تبتدى بالعمل فى تشريحه من اطرافه التى عند الحنجرة والاخر أن تتبع العصب الكبار والافضل أن تسلك فى استدراكه والوقوف عليه الوجهين كليهما اعنى أن تتبع العصبة التى مع الشريان حتى تصل الى الصدر وتتبع العصبة الراجعة الى فوق واذا انت قاربت الصدر فمد كل واحدة منهما على حدة مرة هذه ومرة تلك وتفقد عند مدك اياهما كيف تتأدى وتصل فى التمدد من الواحدة الى الاخرى فانك اذا فعلت ذلك تبين لك الموضع الذى منه تبتدى هذه العصبة وتنقسم من العصبة الكبيرة والامر فى انه انما ينبغى لك ان تتفقد مبداء هذا العصب الراجع الى فوق وتتثبت فيه والصدر قد فتح على النحو الذى وصفته لك فى الموضع الذى ذكرت فيه تشريح آلات التنفس بين ظاهر وبعد ان تتقدم فرضت نفسك على النحو الذى ذكرناه فى ابدان الحيوانات الميتة فتخطاها الى الحيوانات الاحياء واستعمل هذا العمل الذى اصفه لك ميز وخلص جميع الاجسام التى فى وجه العصب فى الموضع الذى اسفل من الحنجرة بقليل بأن تقطع قطعا من فوق الى اسفل معتدل الطول فى كل واحد من الجانبين واحد حتى تكشف عن العصب واما العصب الراجع الى فوق فأقرب الى قصبة الرية من العصب الكبار وهما عصبتين فى كل واحد من جانبى القصبة عصبة واحدة فاما العصبتين الكبار فبعدهما عن القصبة اكثر من بعد العصبتين الراجعتين الى فوق الا ان بعدهما عنها ليس بكثير وبقرب كل واحد من العصبتين الكبار شريان يضمهما واياه غشاء عام لهما فاما العصبتين الراجعتين الى فوق فليس يقربها شى من الاجسام ولذلك اذا انت كشفت عن هاتين بالقطع الذاهب من فوق الى اسفل واظهرتهما فمدها الى فوق مدا معتدلا بصنارتين غير حادتين من الصنارات التى يقال لها صنارات عور او عمى مثقوبتين وفى كل واحدة منهما خيط قد أنفذ فيها ثم اضبط بيدك الواحدة طرف الخيط وجوز الصنارة بيدك الاخرى الى خلف فى الطريق الذى جيت بالصنارة منذ اول حين أدخلتها تحت العصبة فاذا انت فعلت ذلك عرض منه ان يكون اذا رفعت الصنارة وعزلتها بقى الخيط ملقى تحت العصبة فاما العصبتين الكبار فمن عادة الصنارة أن تعلق معهما الشريانين متى لم تتقدم فتشرح وتشق الغشاء العام للعصبة والشريان المحيط بهما وههنا لحم رخو من عادته ان يلقاك بعد القطع فيغطى ويستر عنك الشريان والعصبة جميعا واكثر ما يكون ذلك فى ابدان الخنازير فاذا لقيك هذا اللحم الرخو فاتبعه واقطعه بشفقة منك فى ذلك وإنكال فانك لا يضر العصب بفعلك ذلك شى من المضار ويمكنك ايضا اذا فعلت هذا ان تقلع الغشاء منه بعد ان تكون قد تقدمت فرضت نفسك مرتين او ثلث فى هذا العمل واذا انت ايضا مددت الشريانين مع العصبتين الى فوق بصنارتين فامسك احد راسى الخيط واجذب الراس الاخر الى خلف مع الصنارة فانه ليس مما فيه خسران أن تمد الجسمين كليهما الى فوق بالخيط اعنى حسم الشريان وجسم العصبة اذ كانا متى فعل بهما ذلك كان الامر فى تخليصهما واحد من الاخر أسهل وأهون منه لو كانا موضوعين فى العمق ومما يلاوم وما يزيد فى تخليصهما ملاومة ليست بيسيرة أن تكون الصنارة على ما اتخذناها نحن بالتعمد لا فى الغاية من الكلال وعدم الحدة بمنزلة الصنارات التى يسميها بعض الناس صنارات عور او صنارات عمى ولا كثيرة الحدة لكن كانها وسط فيها بين الصنارات التى فى غاية الكلام وعدم الحدة والصنارات الكثيرة الحدة كيما يمكنك اذا انت غمزت عليها غمزا معه فضل قوة وركزتها فى الغشاء أن تقطع بها الغشاء واذا انت غمزتها غمزا يسيرا لم تقطع الغشاء فانك اذا اتخذت هذه الصنارة على هذه الصفة امكنك فيها ان تقطع الغشاء ولم يمكن ان تقطع العصب والشريان وليكن ايضا الخيط النافذ فى ثقب الصنارة ليس بالكثير الرقة ولا بصلب كثيرا فان هذا الجزء العصب اذا ربط به ترى فيه مثل أثر المنشار فى الخشب والاجود والاصلح ان يستقصى العصب سليما من الآفات ليكون الحيوان يصيح بعد حل الرباط ويعود صوته فإن لم يتاتى ان يكون الحيوان بعد حل الرباط لا يصيح ولا يعود اليه صوته فجاز ان تقطع العصبة وان تفسخها وان ترضها وان تنزل بها الآفة بضرب اخر اى الضروب كان فقد تبين مما وصفنا لجميع الناس ان القدماء لم يصيبون فى ظنهم بهذين الشريانين انهما سبب العارض الذى يعرض للحيوان فى هذا العمل فسموها بعهذا السبب المسبتين وشريانى السبات بغير حق ولكن لا تدع انت ايضا ان تكشف خطاء هذا الظن وتفنخ اصحابه وترد عليهم وتفسخ قولهم بان تربط اولا ذينك الشريانين حتى اذا رايت الحيوان يصيح على مثال ما كان يصيح قبل ذلك وإن ربط الشريانين بلا العصبتين إما فى حيوان اخر وإما فى ذلك الحيوان الواحد ان شيت فحل الشريانين واربط العصبتين فانك اذا فعلت ذلك رايت انه متى وقعت الآفة بواحدة من العصبتين إن كانت من العصبتين الكبار وإن كانت من العصبتين الراجعتين الى فوق صار ذلك الحيوان ذو نصف صوت ومتى نزلت الآفة بالعصبتين كليهما صار الحيوان عديم الصوت جملة الا انه يبقى هنالك شى من غرغر يحدث عندما ينفخ الحيوان واذا اردت ان يبطل ذلك كله ويتعطل حتى يبقى النفخ وحده خلو من الغرغر فصر الى العصبه التى تاتى أصل اللسان قبل ان يتصل ويلتحم جزء منها بعضل الحلق والاجود ان تقطع منها ذلك الجزء وحده خلو من الجزء الذى ياتى منها اللسان وقد قلت قبل كيف ينبغى ات تكشف عن هذه العصبة وفرقت وفصلت ايضا تفريقا وتفصيلا بينا بين النفخة وبين خروج الهواء بالتنفس فى المقالات التى ذكرت فيها اسباب التنفس وفرقت و فصلت فى المقالات التى ذكرت فيها امر الصوت بين النفخة وبين النفخة التى تكون مع غرغر أبح وبين الصوت وبين الكلام وذلك انى ثبت ان مجى الهواء الى خارج طوعا يكون فيه خروج الهواء بالتنفس واذا زاد عليه وصار معه استكراه كان منه نفخة واذا اجتمع مع هذا تمدد من الحلق كان من ذلك نفخة معها غرغر أبح فاذا قرعت الحنجرة هذه النفخة صار منها صوت ثم اذا انفصل هذا الصوت وتميزت نغمة باللسان صار كلام واذا كان ذلك كذلك فبالواجب صار متى ونحن ارخينا وعطلنا الحركة من جميع عضل الصدر على ما وصفنا فأنزلنا الآفة بالعصب المحرك لذلك العضل وتركنا الحجاب وحدة سليم لا آفة به بقى الحيوان يتنفس التنفس الى خارج طوعا ولا يقدر ان ينفخ ولا ان يصوت ومتى كانت النفخة سليمة لا آفة بها وارخينا وعطلنا الحركة من الحنجرة عدم الحيوان الصوت وبقى ينفخ نفخة ذات تحرجة واذا نحن اضررنا بعضل الحلق ايضا تعطل من الحيوان ايضا الغرغر الأبح وصار ينفح نفخة لا تسمع واما عضل اللسان متى أرخى وعطلت حركته فانه لا يضر اصلا لا الصوت ولا الازدراد وقد وصفنا قبل كيف ينبغى لنا ان نرخى ونعطل حركة هذا العضل ايضا بان نقطع العصبة التى تاتيه من الزوج السابع فهذه الامور كلها التى بيناها فى المقالات التى ذكرنا فيها منافع الاعضاء حق لمن تقدمنا ان يكونوا لا يعرفونها اذ كان بيانها والبرهان عليها مما يظهر عيانا فى تشريح الحيوانات الاحياء ونحن نجد القدماء لم يعرفون ايضا معرفة صحيحة بتة العصب الذى الى جانب الشريانات التى سموها شريانات السبات والشريانات المسبتة من طريق انها عندهم هى التى تحدث السبات متى أوقعت بها آفة على ما وصفنا على ان هذا امر يحتاج الى بحث وفحص شديد وذلك ان جهلهم بالعصب الذى الى حانب الشريانات امر من الامور الممكنة فاما ان لا يعلمون انه متى أوقعت آفة بالشريانات من غير العصب لم يضر الحيوان بذلك الى عدم الحس ولا الى عدم الحركة فذلك مما لا ينبغى اذ كنا نرى الحيوان فى تلك الحال روية ظاهرة يمشى ويتنفس بلا عسر ولا مانع وليس منه شى ماووف خلا صوته فقط الا ان يكونوا سموا عدم الصوت وانقطاعه سبات اعنى القول الذين سموا هذه الشريانات من هذا العارض وهو السبات بهذا الاسم اى مسبتة وشريانات السبات على انه قد بلغنى ان فى عصرنا هذا قد كان رجل يماحل رجلا من اصحابنا ويخاصمه فى ان الحيوان يصير عديم الحركة عديم الحس عند ما نزل بهذه العصبة آفة الا ان المخاصم على هذا والمماحل فيه انكشف امره وافتضح بحضرة جماعة فيها خلق كثير ممن راى ذلك وحكم بالحق فيه فاما القوم الذين سموا هذه الشريانات بهذا الاسم فليس الامر فيهم ما الذى نبههم وحركهم الى ان يسموها بهذا الاسم فنحن تاركيهم وذاكرين امرا اخر من الامور التى رايناها عيانا فى هذا العصب وهو انى شرحت خنزيرة مهزولة حية فرايت العصبتين منها الموضوعتين الى جانب الشريانين عظيمتين فكشفت عنها بهذا السبب حتى انتهيت الى الصدر وكشفت معهما عن العصبتين الراجعتين الى فوق ثم امسكت العصبة اليمنى من العصبتين الراجعتين الى فوق وجذبتها الى فوق جذبا عنيفا مع توقى منى عليها من الفسخ ولما مددت هذه العصبة الى فوق مدا معتدلا ضبطتها باصابع يدى اليسرى وجعلت ذهنى وفطنتى فى العصبة الكبيرة لأنظر هل ينجذب الى اسفل شى من اجزاه فرايت عيانا ان ذلك يكون بينا ورايت ايضا انها لما امتدت ظهر فى العصبة الكبيرة شبيه بالطى والثنى فكشطت عن العصبة جميع ما هو من جنس الاغشية خارج منها ثم رايت روية الليف يمتد فتفرست فى ذلك الليف وخلصت من العصبة الكبيرة الجزء الذى يمتد منها الى اسفل اى هو بعد ذلك فانا ماسك لكل واحدة منهما بواحدة من يدى رايت ان متى مددت جزء العصبة الكبيرة الى ناحية فوق انجذب العصبة الراجعة الى فوق الى ناحية اسفل الى الصدر ولما رايت روية ظاهرة ان الجزء من العصبة الكبيرة الذى يريد الرجوع الى ناحية فوق قد استدركت واستخرجت امره ووقفت عليه خلصت ذلك الجزء من العصبة الكبيرة وضبطته برباط ربطته به على حدته فرايت الحيوان قد صار على المكان ذو نصف صوت ثم انى حللت الرباط وجعلت أصعد الى ناحية فوق واريد ان اخلص من العصبة الكبيرة جزءها المحاذى للعصبة الراجعة الى فوق الا انى لم اجوز موضع الشعبة المتشعبة منها التى تاتى الحنجرة الى ما فوق ذلك وذلك لانى وجدت ههنا جميع العصبة مكتنزة الجسم ملززة يعسر حل اتحاده ونقض ايتلافة ثم انى تركت هذا الجانب الايمن وجعلت اعمل ذلك العمل بعينه فى الجانب الايسر ولم اكن اطمع فى مثل ما طمعت فيه فى الحانب الايمن بسبب بعد المسافة فى تباعد مثنى العصبة الراجعة الى فوق ومعطفها الذى تعطفه فى هذا الجانب على الشريان الاعظم بالقرب من القلب فلما لم يواتينى الامر على ما كنت وظبت عليه بنفسى رايت انى لا أبرح اصلا دون ان أحتال بهذه الحيلة التى اصفها وهى انى لما كشفت عن العصبة الكبيرة كشفا محكما جميع ما يعلوها من جوهر الاغشية حتى لم تبق الا جوهر العصبة الخاص بها المحض وحده وهو الجوهر الذى بينت لك فيه ان منشاه من الدماغ جعلت اتفقد اى جزء من هذه العصبة قياسه قياس العصبة التى قد تقدمت فشرحتها وفرغت منها فى الجانب الايمن وهو نظير لها فلما وقفت على هذا الجزء الذى هو نظير لتلك العصبة خلصت ذلك الجزء وحده من تلك العصبة الكبيرة واستوثقت منه برباط فلما علمت وتيقنت انى قد استدركت ما كنت قصدت له ووقفت عليه سررت من ساعتى بذلك سرورا عظيما ثم انى لما ضربت بيدى الى هذا العمل عاودته بعد ذلك مرارا كثيرة وأخطى مرة فى الندرة لان الامر فى نفسه امر عسر شاق الوجود والاستدراك وان كان ذلك كذلك فينبغى لك ايضا إن أخطات غرضك فى ذلك مرة او مرتين او ثلث أن لا تيأس لكن ترجو ان تصيب فى المرة الاخرى فلا تجانب التجربة ولا تقطعها وتبعد عنها فانه يسمج ويقبح ان يكون مجى جميع الامم ان يحملون انفسهم بسبب المال على ركوب اللجج العظام من البحر ويحتملون فيها الشدايد العطيمة ويكون مجيؤهم فى العلم بالامور والتعرف لها ان لا يتكلون على معاودة العمل بعينه مرارا كثيرة من غير ان يكون نالهم فى ذلك شى من الاموال فأنا ابنى الامر على انا قد فعلنا هذا وآخذ فى ضرب اخر من العمل بعد ان اذكرك اولا بشى قلته مرارا كثيرة فى كتب شتى وهو انه لا فرق فى تعطيل فعل ما من الحركات الإرادية بين ان تقطع جملة العضلة الفاعلة لتلك الحركة قطعا يبتها عرضا وبين ان تقطع عصبة تلك العضلة وكذلك الامر فى قطع الوتر النابت من تلك العضلة وذاك ان المضرة الحادثة عن كل قطع من هذه الثلثة متساوية فبعد ان نذكر هذا ونحضره ذهنك انظر حيثما امكنك ان تقطع العضلة فضع يدك فى قطعها ايضا وليس ذلك مما يمكنك دايما مثال ذلك ما تجده فى عضل الحنجرة فانه ليس يمكن ان تقطع من الحنجرة العضل الذى فى جوفها دون ان تثقب جميعها فاما العضل الموضوع من خارجها المحيط بها فقد يمكنك ان تقطعه عرضا واذا انت عملت هذا فقد يمكنك اولا ان تقطع عصب العضل الذى يعم المرى والحنجرة وتتثبت فيما يحدث للصوت من التغير ويمكنك بعد ذلك ان تتفقد هذا بان تقطع نفس العضل وذلك ان الصوت ليس يبطل ويذهب اصلا بسبب قطع واحدة من العضلات الأخر بل انما يتعطل وينقطع جملة اذا قطع العضل الذى ذكرناه قبل وقلنا انه يفتح الحنجرة ويغلقها وهو العضل الذى فيه وحده ينقسم العصب الراجع الى فوق ويحدث للصوت بعض المضار ويتغير عن ما كان عليه بحسب قياس منافع العضل الذى يقع به الآفة وقد ذكرنا هذه المنافع فى كتاب الصوت وفى كتاب منافع الاعضاء فالعضل الذى منشاء راسه من المرى واتصاله والتحامه بالغضروف الشبيه بالترس متى أرخى وعطلت حركته او قطع فهو يغير الصوت بضرب من التغيير الا انه لا يعطله جملة وذلك لان فعل هذا العضل انما هو ان يجذب الغضروف الشبيه بالترس الى ناحية المرى وهذا الغضروف اذا جذبه هذا العضل انقبض وانطبق على الغضروف الثانى ولزمه وشد الحنجرة ويوثق منها بأضلاعه فاذا انقطع العصب الملتحم بهذا العضل او قطع كل واحد من العضل نفسه باثنين عرضا إما فى الجانب اليمين من البدن وإما فى الجانب الشمال فان الحنجرة يجذبها من الجانب المخالف للجانب الذى وقعت الآفة بعضله العضل الذى لم يقطع ويبقى الضلع الواحد الذى فى جانب العضل الذى به وقعت الآفة من اضلاع الغضروف مسترخى متعطل الحركة فان قطع العصب من الجانبين كليهما بقى الغضروف الشبيه بالترس فى حال وسط من الميل وكل واحد من جزويه يكون اشد استرخاء مما يجرى عليه امره فى الطبع ومما يكون ذلك اذا وقعت الافة بعصبة واحدة فقط وان انت قطعت العضل قطعا يبته كله من الجانبين صار الغضروف الشبيه بالترس فى غاية الاسترخاء وتعطل الحركة واذا كان ذلك فالحنجرة تتسع اجزاها التى من قدام عند ما يريد الحيوان ان يصوت وذلك مما يعين فى ثقل الصوت لا فى انقطاعه وذهابه وان انت أقلبت الحنجرة كلها قليلا وهذا العضل قد وقعت به آفة على هذا النحو امكنك ايضا ان توقع بعضلها الخلف الذى به تفتح آفة على ضربين إما بان تقطع الجزء الذى ياتيها من العصب الراجع الى فوق وإما بان تقطع العضل نفسه والعضل نفسه موضوع على الغضروف الثانى ولذلك صار متى كشط وقلع العضل الذى يصل ما بين المرى والغضروف الشبيه بالترس تبين ذلك العضل للبصر حٓ فاذا ما قلبت الحنجرة على ما وصفت قبل ذلك فانه لا يتبين للبصر واما الغضروف الثالث فليس يمكن ان توقع به آفة على مثل ما اوقعت بالغضروف الشبيه بالترس وبالغضروف الثانى بغير ان تقطع العصب ولا بقطع العضل نفسه وذلك لان جل اجزاء هذا العضل يدخل فى الموضع النافذ فى الحنجرة ولو كان يمكن ان يوقع بهذا العضل ايضا آفة مع العضل الذى من خلف معا لكان اذا تتثبت الحنجرة لا يحركها الا العضل الذى يغلقها ويطبقها من داخل فقط ولم يخلو ذلك من احد امرين إما ان يضر به الصوت فى غاية الحدة وإما ان يختنق به الحيوان جملة وانما تعرف حقيقة ذلك وصحته متى كنت ذاكرا لما قلنا فى كتاب حركات العضل الذى بينا فيه انه متى ذهب وتعطل الحركة من صنفى عضل احدهما موضوع بحذاء الاخر ومقابله اذا كان الصنف الذى يقنح من البدن جزء وكان موكل بفتحه انجذب ذلك الجزء بالعضل الذى يغلقه وجذبه هذا الى نفسه وبقى قايم على ذلك الشكل لا يزول عنه وان انت ايضا اضررت بعصب العضل الذى يضم الاجزاء السفلية من الغضروف الشبيه بالترس الى الغضروف الثانى كان ما ينزل بالصوت من الآفة والمضرة مقدار يسير جدا وذلك ان الحنجرة تصير فى هذا الجزء من اجزاها اشد رخاوة وقد قلنا ايضا انها اذا كانت اشد رخاوة عرضت واتسعت واذا عرضت واتسعت عرض من ذلك بحسب ما يجب عن هذا العارض ثقل فى الصوت فان انت عطلت عضلها الفرق عن الحركة وقطعته عرضا عرضت ايضا واتسعت بذك اعنى بقولى العضل الفوق العضل الذى اعلمناك ان منشاه من ضلع العظم الشبيه باللام واتصاله والتحامه بالغضروف الشبيه بالترس وهذا العضل الذى قد ذكرناه ايضا قبل حيث وصفنا تشريح الحنجرة والعظم الشبيه باللام وكما ان هذا العضل يجذب الغضروف الشبيه بالترس الى فوق ويجذب بجذبه لهذا الحنجرة كذلك العضل الذى ياتى القس من الغضروف الشبيه بالترس يجذب الى اسفل الغضروف الشبيه بالترس والحنجرة ايضا فالمضرة والآفة انما تنزل وتقع بحسب منفعة كل واحدة من العضل وهذا امر ينبغى لك ان تذكره فى جميعه عامة واذا انت نظرت الى ما فى الحنجرة فقد بقى عليك بعد ذلك ان تنظر الى العصبة التى بقيت فى العنق من العصب الذى يجى من الدماغ الى ناحية اسفل وهى العصبة التى تخرج فى الثقب النافذ فى العظم الشبيه بالحجر وقد عرض لهذه العصبة ان تكون فى مبداء امرها تختلط مع اعصاب أخر على ما وصفنا وتضبطها اغشية تعمها كلها ولذلك سبق الظن الى هذه العصبة بانها جزء من الزوج السادس ولهذه العصبة امر يخصها وحدها اعنى جسم صغير يتولد عليها شبيه بالشى الجامد المنعقد الذى يتولد على العصب فان هذه العصبة صغيرة واذا نظرت اليها ظننت انها قد تزيدت وعظمت بهذا الجسم الشبيه بالشى الجامد المنعقد وهذا الجسم ليس تراه ينبت جسم على جسم اخر وذلك انك ان حككت هذا الجسم لم يمكنك ان تستبقى العصبة على استواها وحدها لكنك تظن ان هذا الجزء منه الشبيه بالشى الجامد المنعقد انما يولد عنها من غلظ وثخن جميع جوهر العصبة وهذا الثخن امر يعرض لهذه العصبة فى مبداء العنق واسفل ايضا عند منتهاه فى الموضع الذى يقع فيه هذه العصبة فى الصدر ويقع فى الوهم ان هذه العصبة فى كل جزء منها اذا عرض لها هذا الثخن تصير اثخن مما كانت فى الجزء الذى قبله وهذه العصبة تمر فى الصدر الى ناحية اسفل وتصير الى أصول الاضلاع وتختلط مع عصب المواضع التى فيما بين الاضلاع فان احببت ان تنظر اليها كيف تختلط فبهذا الوجه من العمل يمكنك النطر الى ذلك منها اكشف عن ضلع واحد اى ضلع كان ما يحيط به من الاجسام وليكن كشفك عنه فى الاجزاء منه التى تظهر فيها هذه العصبة التى كلامنا فيها ممدودة عليه فى طول بدن الحيوان فانما يمكنك ان تشكف عن الضلع بان تخلصه وتبريه إما من اجزايه الباطنة فمن الغشاء المستبطن للاضلاع وإما من اجزايه التى من الجانبين فمن العضل الذى فيما بين الاضلاع وإما من اجزايه الظاهرة من خارج فمن عضل الصلب وينبغى لك ان تعمل هذا العمل كله وانت متوفى حاذر غاية التوقى والحذر من ان تقطع من العصبتين اللتين تريد ان تنظر الى اشتراكهما واختلاطهما شى فانك تجد جميع العصب الذى فيما بين الاضلاع مخالط للعصبة التى تنحدر هابطة من فوق مخالطة واحدة بعينها فاذا انت اخذت عن الضلع كما يدور وكشفت جميع ما هو بالقرب من العصبة حتى يظهر لك الضلع وتراه مكشوفا مع العصب وحده وجدت انت ايضا حٓ ما قد وجدناه نحن وذلك انك تجد العصبة المنحدرة من العنق تضام جميع العصب الذى فيما بين الاضلاع وتلتحم به وكما انك اذا كشطت عن الاجزاء الباطنة فى كل واحد من الاضلاع الغشاء المستبطن للاضلاع رايت العصبة التى تاتى من الدماغ تمر وتذهب من قوق الى اسفل كذلك تجد فى الاجزاء الظاهرة من خارج فى كل واحد من الاضلاع عصبة صغيرة ممدودة تضم العصبتين اللتين فى الموضعين اللذين فيما بين الاضلاع وتصل بينهما فان احببت ان تنظر الى اشتراكهما نظرا أشفا وأبين فامسك أصل الضلع الذى أعربته وحركه تحريك يسير حتى يتبين لك المفصل الذى فيما بينه وبين الفقارة ويظهر كيما تقطع فى هذا الموضع الرباط المحيط بالمفصل الملفوف عليه كما يدور فانك اذا فعلت هذا حسنا امكنك ان تقلع عظم الضلع من غير ان تفسخ شى من العصب وتقطعه واذا انت فصلت الضلع رايت التحام العصب فى مثال شكل مدور وذلك لان كل واحدة من العصبتين اللتين فى المواضع التى فيما بين الاضلاع القريبة يضام عصبتين أخراتين ويتصل ويلتحم بهما وواحدة من هاتين العصبتين فى الاجزاء الباطنة والاخرى فى الاجزاء الظاهرة الا ان العصبة التى من داخل تنحدر من الدماغ والعصبة التى من خارج نشوها وكونها من ذلك الموضع بعينه و ليست تنشق من واحدة من العصب المضام بعضه لبعض بل كانها شى ثالث له جوهر لنفسه خاصة وقد ترى مثل هذا الاشتراك ايضا فى العصب الذى عند الإبط فى بعض اجزاه وذلك انك ترى هناك عصبة ثالثة معترضة فيما بين العصبتين اللتين تضامان مرارا كثيرة من غير ان يكون جوهر تينك العصبتين يزيد او ينقص على ما يكون ذلك فى جميع العصب الذى ينقسم وتصغر العصبة الأصلية التى منها انقسمت عصبة اخرى وينقص مقدارها الذى كانت عليه فى اول الامر ويكون مقدار نقصانها وصغرها بحسب مقدار عظم العصبة لتى انقسمت منها واما العصبة التى تاتى عصبة اخرى فتتصل وتلتحم بها وتضامها فانت تراها ايضا تزيد فى مقدار العصبة التى بها تتصل وبها تضام وتفعل ذلك بحسب ما عليه جوهرها الخاص وبقياسه متى كانتا عصبتين تضام احداهما الاخرى بتوسط عصبة ثالثة لا يظهر انهما اصغر ولا اعظم مما كانتا عليه فينبغى لك ان تظن بتلك العصبة المتوسطة بينهما المشتركة لهما انها انما هى رباط لهما ومتى كان ذلك كذلك انما ترى فى المواضع التى ترى فيها عصبة دقيقة تمر وهى غير مستقرة ولا ممكنة فتقطع مسافة طويلة فحٓ تكون هذه العصبة المشتركة العامة الاخرى أولى بان تكون رباط الى اجزاء القريبة منها وان كانت ايضا تلك المواضع التى تمر فيها هذه العصبة تتحرك حركة دايمة فانها تكون حٓ احوج الى فضل الوثاقة والحرز فتكون بهذا السبب تنتفع بمثل هذا الرباط فى التمكن والثبات فلما كنا نرى جوهر العصب المنحدر من الدماغ المار الى اصول الاضلاع لا يزيد ولا ينقص كان الأولى بان نقوله فيه انه يرتبط مع العصب الذى فيما بين الاضلاع ارتباطا من غير ان يكون يدفع اليه شى منه ولا ياخذ منه شى فالطريق الذى يسلكه هذا العصب فى الصدر هو على هذه الصفة التى أشرفت عليها فاما اذا هو جاز الصدر فكيف يخالط عصب الزوج السادس والعصب النابت من فقارات القطن فسترى ذلك وتشرف عليه فيما يستانف بعد ان نجوز اولا ونخطى الى العصب الكبار الذى هو عصب الزوج السادس وهذا العصب بعد مجاوزته للقلب يعتنق المرى ويخالطه من كل موضع وكانه يرتبط معه واذا هو جاوز ومر معه اتصل والتحم بفم المعدة حتى يصير ذلك الجزء فى العصبانية والقرب من جنس العصب فى حد ليس يدون ما عليه واحد من الاعضاء الأخر فيكون بهذا السبب له فضل حس وقد ياتى من هذا العصب الذى يصير الى فم المعدة شعب ضعيفة الى جميع المعدة ايضا فجل هذا الزوج من العصب على ما وصفت يبقى فى المعدة والبقية التى تبقى منه تختلط مع العصب الذى ذكرناه قبل وهو الذى يجوز الصدر الى أصول الاضلاع ومع شى بعد شى من العصب الذى منشاه من فقارات القطن ثم تنقسم فى جميع الاحشاء وهى الاعضاء الباطنة التى اسفل من الحجاب وفى الامعاء وانا الخص لك ههنا كيف تنظر الى تقسم هذا العصب ايضا نظرا شافيا فاقول اقطع قطعا واحدا على استقامة من عند الغضروف الشبيه بالسيف والشبيه بالخنجر حتى ينتهى الى ملتقى عظمى العانة فاذا انت كشفت الامعاء وجمعت المعدة حتى تنظر الى مجى الشريان الاعظم على وسط الفقار وجدت ههنا معلاق الامعاء يصير الى جدول العروق التى حول الامعاء وجوهر هذا المعلاق جوهر رباط ومنشاه من الفقار الذى بعد الحجاب وانت تجد ههنا للشريان. الاعظم ايضا شعبة فردة لا أخت لها وموضعها فى الاجزاء القدام وهذه الشعبة تنحدر مع معلاق الامعاء وتنقسم بقسمين وتجد لهذه الشعبة مرارا كثيرة فى اول امرها أصلين يضام احدهما الاخر الثانى فى مقدم الشريان الاعظم وكيف كان مبداء هذه الشعبة وعلى اى وجه تنبت ان كانت تنقسم بنصفين وان كانت واحدة فهذه بعد ان تمضى قليلا تنقسم قسمين فجزء منها ياخذ نحو المعدة والكبد والطحال وينقسم مع العروق التى فى هذه المواضع والجزء الاخر ينقسم فى الجدولين اعنى فى الجدول الايمن والجدول الايسر وقد ذكرنا امر هذه قبل فحسبك ههنا ان اقول لك هذه الواحدة وهى ان الشريانات اذا جات مع معلاق الجدول وابتدات التقسم فى الجدول فانت تجد فى ذلك الموضع بعينه العصبة التى تتولد من ذلك العصب الذى ذكرناه تنقسم مع الشريانات فى جميع استدارات الامعاء وبطونها فاذا انت نظرت الى ذلك فقد حان لك ان تقلع الامعاء كلها وتدع الجدول وانما تقدر على قلعها بان تحل وتنقض جلالها الذى يغطيها من خارج وهو غشاء يتصل بالصفاق على ما وصفنا قبل وعلى هذا النحو يقلعون القصابين ايضا الامعاء التى عند الصلب وكيما يصح لك ويستبين أمر اتصال العصب واتحاده اكثر قد تحتاج ايضا الى اخراج المعده فانه اذا انكشفت لك هذه المواضع وبانت هذا البيان رايت شعب العصب التى تاتى الكبد والطحال وهى شعب صغار جدا ثم رايت بعدها الشعب التى تاتى الجدول واما الشعب التى تاتى الكليتين فجلها من العصب الذى صار الى الصدر واتصل واتحد باعصاب أخر وهى التى ذكرناها قبل هذه بقليل فهذا الذى وصفته لك هو تقسم العصب الذى ياتى من الدماغ فاما ساير الاعضاء الأخر فكلها يصير اليها عصب من العصب النابت من النخاع وانا ذاكر تشريح هذا العصب فى المقالة التى بعد هذه تمت المقالة الرابعة عشر من كتاب جالينوس فى عمل التشريح والحمد لله حق حمده والصلوة على نبيه محمد وآله وصحبه PageV01P27 9
[book 15]
Страница 280