Ислам и человеческая цивилизация

Аббас Махмуд Аль-Аккад d. 1383 AH
84

Ислам и человеческая цивилизация

الإسلام والحضارة الإنسانية

Жанры

والمؤلفة تسمي هذه الأقسام الثلاثة بأسماء ترتضيها وتفضلها للدلالة على غرضها، فمنها قسم داخل الصلاة المفروضة، وقسم على عتبة الصلاة المفروضة، وقسم خارج هذه الصلاة يختاره، ولا يلزم أن يكون من باب الفرائض ولا من باب السنة النبوية، بل يجوز لكل مسلم أن يختار له عبارته وعنوانه ومناسبته على حدة أو مع إخوان له في الطريق وفي حلقات الأذكار الخاصة.

وجملة ما اختارته المؤلفة مقبول عن جماعة المسلمين مع اختلاف المذاهب، إلا طائفة منه يتمادى بها الشطط إلى القول بالحلول أو القول «بوحدة الوجود» على النهج الذي يرفضه أهل السنة بالإجماع، وهو ذلك النهج الذي يوشك أن يتطوح بأهله إلى تأليه الكون بمظاهره المادية وبواطنه الخفية، وليس هذا القسم من الدعوات بالكثير وإن كان ناقد الكتاب يقول: إن دعواته أقرب إلى تسبيحات المتصوفة منه إلى العبادات العامة أو العبادات المقررة للجميع، وهي على حد تعبيراتهم «العبادات الأرثوذكسية».

ويقول ناقد الصحيفة الأدبية: «إن نشر هذه الدعوات بين المسيحيين، وهي مما يغلب عليه اللطف المستحب؛ خليق أن يقرب أسباب التفاهم بين الديانات فيما هو أقرب الأمور إلى جوهرها جميعا وهو العبادة. وإن العبادة الإسلامية بأسلوبها الصوفي على الخصوص لتحمل كثيرا من معاني المشابهة والمشاركة بينها وبين العبادة المسيحية.»

ويمضي الناقد قائلا: «ولم تقصر المؤلفة اختيارها على هذا النوع - يعني نوع الدعوات الصوفية الخالصة - بل هي تعرض لنا ما يلتبس بشيء من الكثافة في أوراد المتصوفين المعاصرين، وإن هذين النمطين من أنماط الدعوات الصوفية ليظهران معا بين المسلمين كما يظهران متصاحبين في تقاليد أكبر الكنائس الغربية.»

نقول: إن عيب هذا الكتاب وأمثاله أن مؤلفيها يحشرون فيها كل ما ينقلونه عن الإسلام إلى صعيد واحد، ولا يكتفون بالجانب الخالص منه متعللين بدعوى الحيدة واجتناب التحيز لهذا الفريق أو ذاك فيما ينسبونه إلى أتباع الديانة التي هم غرباء عنها متهمون بالغرض إذا تشيعوا لفريق من أتباعها على غيره. ولولا هذا الخلط الذريع لكانت هذه الدعوات عنوانا صالحا للديانة الإسلامية في جوهرها، وهو جوهر العبادة كما قال ناقد الكتاب.

وعندنا أن الإسلاميات التي تنشر في الغرب تحتمل الترتيب والتقديم بالأولية من وجهة النظر الإسلامية، فأجدرها بالنشر - وأولها في هذا الترتيب - أمثال هذه الدعوات والصلوات، على شريطة السلامة من شوائب التصوف الكثيف، كما وصفه ناقد الكتاب، ومن شوائب التصوف المدخول الذي تطرق إلى الإسلام من بقايا الديانات الشرقية الخالية، ومنه ذلك الإغراق في دعوى الحلول ودعوى «الإلهية الكونية» التي تسمى عند أصحابها بوحدة الوجود، ولا ينكر المسلم أن يؤمن بالتجلي الإلهي في آيات الكون بين السموات والأرضين، فإنه مأمور بالبحث عن هذه الآيات بنصوص الكتاب ووصايا الأحاديث النبوية، ولكنه ينكر أن يؤمن بالوثنية الكونية التي تصدق على من يؤله الكون كما تصدق على من يؤله جزءا من أجزائه، فهو في تنزيهه للوجود الإلهي لا يرفض عقيدة من العقائد كما يرفض هذه «الوثنيات».

فإذا سلم كتاب الدعوات الإسلامية من أوراد أدعياء الصوفية، ومن لوثة الحلول، ووحدة الوجود، فكل ما بقي منها فهو الدين الحق على أفضل ما يكون في عقل الإنسان وضميره، وليس لدين من الأديان دعوات، أو صلوات ترتقي إلى أفق من التنظيم أرفع من أفقها الذي ارتفعت إليه في الإسلام.

ففي البرهمية سبحات من التصوف الروحاني تعلو إلى الذروة بين الدعوات الدينية، ولكنها تفارق التوحيد دائما كلما أوغلت في أعماق العقيدة أو رجعت إلى التشبيه بالقوى الطبيعية. وكثيرا ما ينتهي بها أسلوبها في التنزيه إلى فناء كالعدم يتساوى فيه الوجود المطلق و«اللاوجود» على الإطلاق!

وفي غير البرهمية من الديانات الكبرى أوصاف للإله تهبط بالخالق إلى مشابهة الخليقة وتنسب إليه أفعالا كأفعال أرباب الديانات الأولى، وهذه جميعا شوائب للإيمان بالربوبية يتنزه عنها الإسلام ولا تخفى على غير المسلمين، بل يحسبها بعضهم غلوا في «الإبعاد بين الخلق والخالق»!

ودعوات الإسلام حقيقة أن تسكت المتخرصين عليه ممن يتهمونه بالمادية أو بالوقوف عند حدود الحياة «العملية» التي تتجافى بالمسلمين عن صفاء الروح وتلصقهم بنعيم الأرض حتى حين يتصورون نعيم السماء.

Неизвестная страница