Ислам и человеческая цивилизация

Аббас Махмуд Аль-Аккад d. 1383 AH
62

Ислам и человеческая цивилизация

الإسلام والحضارة الإنسانية

Жанры

والطائفة التالية من تلاميذ الحضارة الغربية قد عرفوها وهم في أوطانهم لم يفارقوها، وقد عرفوها في دور التعليم كما عرفوها في بيئات المعيشة الحضرية على الأكثر؛ لأن هذه البيئات قد تغيرت مع الزمن وتشابهت مظاهرها في مدائن الشرق ومدائن الغرب على نحو يقارب التشابه بين مظاهر الحضارة في أمم الغرب نفسه، حسب اختلاف مواقعها وتقاليدها.

وقد ضعفت دواعي المقاومة للحضارة الغربية بين أبناء هذا الجيل لهذا السبب الواضح، ولسبب آخر يرجع إلى تقدم المسلمين في سبيل الاستقلال عن سلطان الحكم الأجنبي، فإن مقاومة الحضارة الأوروبية كانت فيما مضى وجها من وجوه التمرد على أبناء تلك الحضارة القابضين على أزمة الحكم والإدارة. فلما زال هذا السلطان، أو خفت وطأته، زال معه سبب كبير من أسباب العداء للتجديد العصري والاستحداث في فهم الدين.

ويختم المؤلف صفحات الكتاب بأسطر قليلة يقول فيها: إن مستقبل العرب سيكون من صنع أيديهم بعد اليوم، وسيتولونه ويتولون أمور دينهم ودنياهم كما يفهمونها، وسيكون للجمهرة الكبرى شأن لا يتجاهله المصلحون بين ظهرانيهم، لأن هذه الجمهرة قد أصبح لها خطرها المحسوس، وإن تكن في بعض البلدان قد أصبحت مهمة في تقرير سياستها قبل أن تتدرب على ولاية الأمر بأيديها.

قال المؤلف قبل أن يستطرد إلى الفصل الأخير عن التجديد أو الاستحداث وعلاقته بالجماهير:

إن الحكومات الغربية في الشرق الأدنى لا تستطيع أن تجد بين العرب طوائف ذات صبغة ديمقراطية حقة - ليبرالية - تسندها وتؤيدها، وكذلك يرى الباحثون في الإسلام من الغربيين أنه لا أمل للإسلام المتجدد على الرغم من اعترافهم باعتقادهم في الإسلام قوة الخلق والحيوية.

ويتحفظ المؤلف في إبداء رأيه بين هذه الآراء، ولكنه لا يجزم برفض ذلك الرأي الذي يرويه عمن سماهم بالباحثين في الإسلام من الغربيين، ولا نخاله يستطيع أن يخلص من عادة الوزن بالميزانين في القضية الواحدة كلما تعلقت بالشرق والغرب في شئون العقائد ومذاهب الاجتماع.

فهؤلاء الباحثون الغربيون يقدرون أن «استغراب» المسلم أو أخذه بنظام من نظم الحضارة الغربية لا يتأتى على غير وجه واحد: وهو الإعراض عن دينه أو الانقلاب عليه.

فأما استغراب المسيحية فغير مستحيل مع بقاء الغربيين على ديانتهم وهي شرقية كالإسلام في مصدرها، وكأنما وجدت هذه الديانة «الشرقية» غريبة منذ اللحظة الأولى ولم «تستغرب» مرات في كل عهد من عهود التاريخ، وأول هذه المرات لم يجاوز القرن الأول للميلاد عند انتقالها من فلسطين إلى آسيا الصغرى ثم بلاد اليونان، وآخرها فروع المذاهب «الإنجيلية» في العالم الجديد، وهي في أصلها «استغراب» في بلاد أوروبا الوسطى واستغراب في أمم الشمال وأمم السكسون.

والمسلم في حساب هؤلاء الباحثين الغربيين يبدو لهم كأنه شخص واحد ولد في عهد البعثة المحمدية، وهو بعينه يولد ويعاد ميلاده من جيل إلى جيل، ومن أمة إلى أمة، كذلك «اليهودي» التائه الذي تزعم الأساطير أنه عاش منذ أيام السيد المسيح ويعيش إلى يوم عودته في آخر الزمان!

فهذا المسلم في عهد البعثة المحمدية هو المسلم الذي يتكرر ميلاده على عهد التابعين، ثم على عهد الأمويين، ثم على عهد الأندلسيين، ثم على عهد الحضارة الأوروبية في القرن العشرين! فإما أن يحمل معه زمانه قبل أربعة عشر قرنا أو ينتقل إلى زمان آخر فلا يبقى على عقيدة الإسلام.

Неизвестная страница