وأسلوب الفقيه الذي همه تفصيل المسائل تفصيلًا شافيًا وبيان أحكام الفروع بيَانًا واضحًا، يتجلى عنده في الأبواب الفقهية (من ٣ إِلى ١٩) وفي غيرها يتجلى أسلوب الواعظ المرشد إِلى الفضائل والآداب مع مزج بالمعلومات التاريخية في بعض المواطن.
وهذه الأبواب الفقهية لم يكثر فيها ابن فرحون من الاستشهاد بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، كما فعل في غيرها، فكان بذلك منتهجًا مسلك أغلب فقهاء المذهب المالكي الذين ينصرفون عن دعم الأحكام بأدلتها وربطها بمداركها ويقتصرون على نقل أقوال إِمامهم وأصحابه فيها بتقدير بالغ لهذه الأقوال المعتمدة. وقد كانت هذه الكتب بصبغتها المذكورة تلقى قبول الطلبة فيدرسونها دون أن يتطلع أكثرهم إِلى حجج الأحكام، والذين يشتاقون منهم إِلى ربط المسائل بأدلتها يجدون بغيتهم في تفسير آيات الأحكام وشرح أحاديث الأحكام، وفي بعض الكتب التي اهتم أصحابها بدعم المسائل بأدلتها ومداركها (١).
هذا وقد كانت الإِفادات التاريخية التي قدمها ابن فرحون في أبوابه الأخيرة من الكتاب يحتاج بعضها إِلى تدقيق وتمحيص، وقد كان صاحبنا يشير أحيانًا إِلى الثابت منها (٢).
_________
(١) يمكن أن نعد من هذه الكتب "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" لابن رشد الحفيد.
(٢) نرى ذلك في ص ٨٣٣ حيث يقول: (الثابت عند أهل التاريخ أن الصلاة حولت في مسجد القبلتين).
1 / 63