كان (عليه السلام) كلما قتل فارسا أعلن بالتكبير، فاحصيت تكبيراته في تلك الليلة فكانت خمسمائة وثلاث وعشرين تكبيرة، بخمسمائة وثلاثة وعشرين قتيلا، وعرفوا قتلاه نهارا بضرباته فإنها كانت على وتيرة واحدة، إن ضرب طولا قد أو عرضا قط، وكانت كلها مكواة.
وروي أنه (عليه السلام) في تلك الليلة فتق درعه لثقل ما كان يسيل من الدم على ذراعه(1)، وفي صبيحة هذه الليلة انتظم أمر أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ولاحت لهم امارات الظفر ولاحت لهم علامات النصر، وزحف مالك الأشتر حتى ألجأهم إلى معسكرهم، ولم يبق إلا أخذهم وقبض معاوية.
فلما رأى عمرو بن العاص الحال على هذه قال لمعاوية: نرفع المصاحف وندعوهم إلى كتاب الله، فقال: أصبت، فرفعوها فرجع القراء من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) عن القتال، وأقبلوا إليه وهم أربعة آلاف فارس كأنهم السد من الحديد، وقالوا: ابعث رد الأشتر عن قتال هؤلاء.
فقال لهم: إنها خديعة ابن العاص وشيطنته وهؤلاء ليسوا من رجال القرآن، فلم يقبلواوقالوا: لابد أن تردالأشتر وإلاقتلناك أو سلمناك إليهم، فأنفذ (عليه السلام) يطلب الأشتر، فقال: قد أشرفت على الفتح وليس هذا وقت طلبي، فعرفه اختلال أصحابه، فرجع وعنف القراء وسبهم وسبوه، وضرب وجه دوابهم فلم يرجعوا.
ووضعت الحرب أوزارها، فبعث إليهم أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال لهم: لماذا رفعتم المصاحف؟ قالوا: للدعاء إلى العمل بمضمونها، وأن نقيم حكما وتقيموا حكما ينظران في هذا الأمر، ويقران الحق مقره، فتبسم أمير المؤمنين (عليه السلام) تعجبا وقال: يا ابن أبي سفيان أنت تدعوني إلى العمل بكتاب الله، وأنا كتاب الله(2)
Страница 71