وأما الثاني: وهو مواطن جهاده بعد الرسول (صلى الله عليه وآله)، فإنه ابتلى وامتحن بحرب الناكثين والمارقين والقاسطين كما أمره(1) النبي (صلى الله عليه وآله).
وبيان هذه الحروب على سبيل الاختصار انه بعد أن آل الأمر إليه صلوات الله عليه وبايعه المسلمون، نهض طلحة والزبير ونكثا بيعته وانحازا(2) إلى عائشة، واجتمعوا إلى قتاله وتوجهوا إلى البصرة، وانضم إليهم منها خلق كثير وخرجوا ليحاربوه.
فخرج (عليه السلام) وردعهم فلم يرتدعوا، ووعظهم فلم ينزجروا(3) بل أصروا على القتال، فقاتلهم حينئذ حتى قتل منهم ستة عشر ألف وسبعمائة وتسعين وكانوا ثلاثين ألفا، وقتل من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ألف وسبعون رجلا وكانوا عشرين ألفا، وهذه الواقعة تسمى واقعة الجمل، وهي حربه للناكثين، وبعد ذلك اشتغل بوقعة صفين وحربه مع معاوية، وهي جهاد القاسطين.
وهذه الحروب من الوقائع العظام التي لا يكاد أن يضطرب لها فؤاد الجليد(4)، ويشيب منها رأس اللبيب(5)، وبقي (عليه السلام) يكابد هذه الواقعة ثمانية عشر شهرا، وقتل فيها من الفريقين على أقل الروايات مائة ألف وخمسة وسبعون ألفا من أهل الشام، وعشرون ألفا(6) من أهل العراق.
وفي ليلة الهرير من هذه الوقعة وهي أشد أوقاتها قتل من الفريقين ستة وثلاثون ألفا، وقتل (عليه السلام) بانفراده خمسمائة وثلاثة وعشرون فارسا(7)، لأنه
Страница 70