مكانكم وإن قتلنا عن آخرنا، فإنما نؤتى من موضعكم.
واشتدت الحرب ودارت رحاها ولواء المسلمين بيد علي (عليه السلام)، وهو قدام النبي (صلى الله عليه وآله) يضربهم بسيفه بين يديه، ولواء الكفار بيد طلحة بن أبي طلحة العبدي من بني عبد الدار، وكان يسمى كبش الكتيبة، فتلاقى هو وعلي (عليه السلام) وتقاربا، واختلفت بينهما ضربتان، فضربه علي (عليه السلام) على مقدم رأسه فبدرت عينه وصاح صيحة عظيمة، وسقط اللواء من يده، وأخذه آخر من بني عبد الدار فقتله.
ولم يزل (عليه السلام) يقتل واحدا بعد واحد حتى قتل منهم سبعة، ثم أخذ اللواء عبد لهم اسمه صواب، وكان من أشد الناس، فضرب علي (عليه السلام) يده [اليمنى](1) فقطعها، فأخذ اللواء بيده اليسرى فضربه عليها فقطعها، فأخذ اللواء على صدره وجمع ساعديه عليه ويداه مقطوعتان، فضربه علي (عليه السلام) على رأسه فسقط صريعا وانهزم القوم، وأكب المسلمون على الغنائم.
ورأى أصحاب الشعب الناس يغتنمون، فخافوا فوات الغنيمة، فاستأذنوا رئيسهم في أخذ الغنائم فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمرني أن لا أبرح من موضعي(2) هذا، فقالوا: إنما قال ذلك وهو لا يدري ان الأمر يبلغ ما ترى، ومالوا إلى الغنائم وتركوه.
فحمل عليه خالد بن الوليد فقتله، وجاء من ظهر النبي (صلى الله عليه وآله)، فنظر إليه وقد حف به أصحابه، فقال لمن معه: دونكم هذا الذي تطلبون، فحملوا عليه حملة رجل واحد ضربا بالسيوف، وطعنا بالرماح، ورميا بالنبال، ورضخا بالحجارة.
Страница 60