مسومين النصف الآخر، وشاركهم علي (عليه السلام) فيه أيضا، ثم رمى رسول الله (صلى الله عليه وآله) باقي القوم بكف من الحصى وقال: شاهت الوجوه، فانهزموا جميعا.
فهذه الغزاة العظمى على ما شرحناه كانت عبارة عنه (عليه السلام)، وما أحقه بقول القائل:
لك خلتان(1) مسالما ومحارب
بالعدل منك وسيفك المخضوب
فرقت ما بين الذوائب والطل
وجمعت ما بين الطلا والذيب
الثانية: غزاة احد.
وكانت في شوال، ولم يبلغ عمر أمير المؤمنين (عليه السلام) تسعا وعشرين سنة، واحد جبل عظيم قريب من المدينة، وكانت هذه الغزاة عنده، وسببها أن قريشا لما كسروا يوم بدر، وقتل بعضهم واسر بعضهم، جزعوا لقتل رؤسائهم فتجمعوا وبذلوا الأموال وجيشوا الجيوش، وتولى ذلك أبو سفيان، وقصدوا النبي (صلى الله عليه وآله) والمؤمنين بالمدينة.
فخرج النبي (صلى الله عليه وآله) بالمسلمين، ودخل النفاق والشك والريب بين جماعة منهم، فرجع قريب من ثلثهم إلى المدينة، وبقى (صلى الله عليه وآله) في سبعمائة من المسلمين، كما حكاه الله سبحانه وتعالى: {وإذ غدوت من أهلك تبوء المؤمنين مقاعد للقتاتل والله سميع عليم} (2) الآيات.
وصف النبي (صلى الله عليه وآله) المسلمين صفا طويلا، وجعل على الشعب خمسين رجلا من الأنصار، وأمر عليهم رجلا منهم وقال لهم: لا تبرحوا من
Страница 59