وغيرهم، وقد ذكر الإمام أحمد في المسند وغيره الرواية عن الشافعي، وأخذ عنه جملة من أنساب قريش، وأخذ عنه الفقه، وحين توفي أحمد وجدوا في تركته رسالتي الشافعي: القديمة والجديدة (^١).
وقد كان الشافعي يعظمه، ومما قاله له: "يا أبا عبد الله إذا صح عندكم الحديث فأعلمني به أذهب إليه"، يقول ابن كثير بعد نقله لقول الشافعي هذا: "وقول الشافعي له هذه المقالة تعظيم لأحمد، وإجلال له، وأنه عنده بهذه المثابة إذا صح أو ضعف يرجع إليه (^٢) ".
وقد تبحر أحمد في علم الحديث، وفاق أقرانه، وأودع الأحاديث التي رواها في كتابه "المسند"، وقد حوى أكثر من ثلاثين ألف حديث، وكان يقول: "جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة ألف حديث" (^٣)، وقال ابنه عبد الله: سمعت أبا زرعة يقول: "كان أحمد ابن حنبل يحفظ ألف ألف حديث" (^٤). وكان يحفظ علما واسعا، قيل لأبي زرعة: من رأيت من المشايخ المحدثين أحفظ؟ فقال: أحمد بن حنبل، حُزِمَتْ كتبه في اليوم الذي مات فيه، فبلغت اثني عشر حملا، وكل ذلك كان يحفظه أحمد عن ظهر قلبه (^٥).
وقال ابن الجوزي: "وقد كان أحمد يذكر الجرح والتعديل من حفظه إذا سئل عنه كما يقرأ الفاتحة" (^٦).
(^١) البداية والنهاية: ١٠/ ٣٢٦.
(^٢) البداية والنهاية: ١٠/ ٣٢٧.
(^٣) راجع المدخل، لابن بدران: ٣٧.
(^٤) المدخل، لابن بدران.
(^٥) المصدر السابق.
(^٦) المدخل، لابن بدران: ٣٧.