قال-: وزعم الجاحظ (١) أن مخالف ملة الإسلام إذا نظر فعجز عن درك (٢) الحق: فهو معذور غير آثم.
إلى أن قال: أما ما ذهب إليه الجاحظ فباطل يقينا، وكفر بالله، ورد عليه وعلى رسوله؛ فإنا (٣) نعلم قطعا أن النبي ﷺ أمر اليهود والنصارى بالإسلام واتباعه، وذمهم على إصرارهم، وقاتل جميعهم (٤)، يقتل البالغ (٥) .
ونعلم أن المعاند العارف ممن يقل، وإنما الأكثر مقلدة: اعتقدوا دين آبائهم تقليدا، ولم يعرفوا معجزة (٦) النبي (٧) وصدقه. والآيات الدالة (٨) في القرآن على هذا كثيرة (٩)، كقوله: ﴿ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ﴾ (١٠) . وقال: ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ﴾ (١١) ﴿إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ (١٢)، وقوله: ﴿وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ﴾ (١٣) ﴿وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ﴾ (١٤)