Иман
الإيمان
Редактор
محمد ناصر الدين الألباني
Издатель
المكتب الإسلامي،عمان
Номер издания
الخامسة
Год публикации
١٤١٦هـ/١٩٩٦م
Место издания
الأردن
الزيادة ليست مجرد التصديق بأن الله أنزلها، بل زادتهم إيمانًا بحسب مقتضاها، فإن كانت أمرًا بالجهاد أو غيره ازدادوا رغبة، وإن كانت نهيًا عن شيء انتهوا عنه فكرهوا؛ ولهذا قال: ﴿وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ والاستبشار غير مجرد التصديق، وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ﴾ [الرعد: ٣٦]، والفرح بذلك من زيادة الإيمان، قال تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ﴾ [يونس: ٥]، وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ﴾ [الروم: ٤، ٥]، وقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا﴾ [المدثر: ٣١]، وقال: ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ﴾ [الفتح: ٤]، وهذه نزلت لما رجع النبي ﷺ وأصحابه من الحديبية، فجعل السكينة موجبة لزيادة الإيمان.
والسكينة طمأنينة في القلب غير علم القلب وتصديقه؛ ولهذا قال يوم حُنَيْنٍ: ﴿ثُمَّ أَنَزلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا﴾ [التوبة: ٢٦]، وقال تعالى: ﴿ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا﴾ [التوبة: ٤٠]، ولم يكن قد نزل يوم حنين قرآن ولا يوم الغار، وإنما أنزل سكينته وطمأنينته من خوف العدو، فلما أنزل السكينة في قلوبهم، مرجعهم من الحديبية، ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم، دل على أن الإيمان المزيد حال للقلب وصفة له، وعمل مثل طمأنينته وسكونه ويقينه، واليقين قد يكون بالعمل والطمأنينة، كما يكون بالعلم، والريب المنافي لليقين يكون ريبًا في العلم، وريبًا في طمأنينة القلب؛ ولهذا جاء في الدعاء المأثور: " اللهم اقسم لنا من خَشْيَتِك ما تَحُول به بيننا وبين مَعَاصِيكَ، ومن طاعتك ما تُبَلِّغُنَا به جَنّتَكَ، ومن اليقين ما تُهَوِّنُ به علينا مصائب الدنيا ". وفي حديث الصديق الذي رواه أحمد والترمذي وغيرهما عن النبي صلىالله عليه وسلم أنه
1 / 181