Иман
الإيمان
Исследователь
محمد ناصر الدين الألباني
Издатель
المكتب الإسلامي،عمان
Номер издания
الخامسة
Год публикации
١٤١٦هـ/١٩٩٦م
Место издания
الأردن
لأنها عبارة عن التصديق. وقال بعض أصحابنا: التصديق لا يتحقق إلا بالقول والمعرفة جميعًا، فإذا اجتمعا كانا تصديقًا واحدًا.
ومنهم من اكتفى بترك العناد، فلم يجعل الإقرار أحد ركني الإيمان، فيقول: الإيمان هو التصديق بالقلب، وأوجب ترك العناد بالشرع، وعلى هذا الأصل يجوز أن يعرف الكافر الله، وإنما يكفر بالعناد لا لأنه ترك ما هو الأهم في الإيمان.
وعلى هذا الأصل يقال: إن اليهود كانوا عالمين بالله ونبوة محمد ﷺ، إلا أنهم كفروا عنادًا وبغيًا وحسدًا، قال: وعلى قول شيخنا أبي الحسن: كل من حكمنا بكفره فنقول: إنه لا يعرف الله أصلًا ولا عرف رسوله ولا دينه، قال أبو القاسم الأنصاري تلميذه: كأن المعنى: لا حكم لإيمانه ولا لمعرفته شرعًا.
قلت: وليس الأمر على هذا القول كما قاله الأنصاري هذا، ولكن على قولهم: المعاند كافر شرعًا، فيجعل الكفر تارة بانتفاء الإيمان الذي في القلب وتارة بالعناد، ويجعل هذا كافرًا في الشرع، وإن كان معه حقيقة الإيمان الذي هو التصديق، ويلزمه أن يكون كافرًا في الشرع، مع أن معه الإيمان الذي هو مثل إيمان الأنبياء والملائكة. والحذاق في هذا المذهب، كأبي الحسن، والقاضي ومن قبلهم من أتباع جهم، عرفوا أن هذا تناقض يفسد الأصل فقالوا: لا يكون أحد كافرًا إلا إذا ذهب ما في قلبه من التصديق والتزموا أن كل من حكم الشرع بكفره، فإنه ليس في قلبه شيء من معرفة الله ولا معرفة رسوله؛ ولهذا أنكر هذا عليهم جماهير العقلاء، وقالوا: هذا مكابرة وسَفسَطَة.
وقد احتجوا على قولهم بقوله تعالى: ﴿لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ﴾ الآية [المجادلة: ٢٢] قالوا: ومفهوم هذا، إن من لم يعمل بمقتضاه لم يكتب في قلوبهم الإيمان.
1 / 120