وهذا من كلام الآمدي يدل على أن البناء لو زال لم تصح الصلاة إلا أن يكون بين يديه شيء وإنما يعني به والله أعلم ما كان شاخصا كما قيده فيما لو صلى إلى الباب ولأنه علل ذلك بأنه إذا صلى إلى سترة فقد صلى إلى جزء من البيت فعلم أن مجرد العرصة غير كاف
ويدل على هذا ما ذكره الأزرقي في أخبار مكة أن ابن عباس أرسل إلى ابن الزبير لا تدع الناس بغير قبلة انصب لهم حول الكعبة الخشب واجعل الستور عليها حتى يطوف الناس من ورائها ويصلوا إليها ففعل ذلك ابن الزبير
وهذا من ابن عباس وابن الزبير دليل على أن الكعبة التي يطاف بها ويصلى إليها لا بد أن تكون شيئا منصوبا شاخصا وأن العرصة ليست قبلة ولم ينقل أن أحدا من السلف خالف في ذلك ولا أنكره
نعم لو فرض أنه قد تعذر نصب شيء من الأشياء موضعها بأن يقع ذلك إذا هدمها ذو السويقتين من الحبشة في آخر الزمان فهنا ينبغي أن يكتفي حينئذ باستقبال العرصة كما يكتفي المصلي أن يخط خطا إذا لم يجد سترة فإن قواعد إبراهيم كالخط
وذكر ابن عقيل وغيره من أصحابنا أن البناء إذا زال صحت الصلاة إلى هواء البيت مع قولهم إنه لا يصلى على ظهر الكعبة ومن قال هذا يفرق بأنه إذا زال البناء لم يبق هناك شيء شاخص يستقبل بخلاف ما إذا كان هناك قبلة تستقبل ولا يلزم من سقوط الشيء الشاخص إذا كان معدوما سقوط استقباله إذا كان موجودا كما فرقنا بين حال إمكان نصب شيء وحال تعذره وكما يفرق في سائر الشروط بين حال الوجود والعدم والقدرة والعجز
فإذا قلنا لا بد من الصلاة إلى شيء شاخص فإنه يكفي شخوصه ولو أنه شيء يسير كالعتبة التي للباب قاله ابن عقيل
Страница 47