أقول: لا خفى أن المعترض مشايع لمشايخه الأشاعرة في رفض أحكام العقول بأسرها وإتهامها عن آخرها، فهذا التفريق منه بين العقل المشوب بالوهم وبين العقل الذي هو في مرتبة اللب المشار إلأيه في أمثال قوله تعالى: {لايات لأولي الألباب } مجرد تلبيس وتمويه لا غير، ثم إنا لو سملنا صحة هذا التفريق على مذهبه لما تركنا البحث معه والاستفسار له عن مراده بالعقل المشوب بالوهم، والعقل الواصل إلى مرتبة اللب هو ما يحكم جزما بصحة النبوات والشرائع وصدق الرسل وصدق الله في كلامه عز وجل وما لم يحكم بذلك جزما فهو عقل فاسد ..... بالوهم كعقل المشر والملحد، والزنديق والمجوسي ونحوهم أو أن يقول: أنه لا سبيل إلى معرفة العقل المشوب بالوهم من العقل الصحيح الواصل إلى مرتبة اللب؛ لأنه لا يعرف ذلك إلا بالعقل لا بغيره فإن عرف حكم العقل بحكم العقل لزم الدور المحال، لا سبيل إلى الأول من هذه التقادير الثلاثة؛ لن كلا يدعي وصلا لليلى، فالمعتزلة وسائر العدية كم أهل البيت رضي الله عنهم يدعون ما يدعيه .. كل أحد من اهل الملل والأديان يدعي أن عقله ..ز الوصال إلى مرتبة اللب، وعقل خصمه هو المشوب بالوهم الفاسد، ولا سبيل إلى الثالث؛ لأنه يقضي إلى السفسطة وحجود الحقائق وإنكار الضرورة، فبقي الثاني وحينئذ يلزمه أن عقله وعقول مشايخه الأشاعرة هي التي لم تصل إلى مرتبة اللب، بل.... في روطة الوهم ولم تزل مفيدة بقيود التخيل الفاسد لما مر من أن عقولهم لم تحكم [65]لذاته وما في الكلامهم من الباطل الذي مر ذكر بعضه، وسيأتي تمامه في الكلام على المعجزة، لا يقال: أن الإمام الرازي قد أشار في كلامه الذي مر نقله إلى جواز اجتماع الجزم بالشيء مع احتمال نقيضه، بل صرح بذلك في المحصل كما مر هذا التجويز والاحتمال الذي ذكرتموه في خرق العادة، وكذب الرسل لا يمنع من ... الجزم بأن الله تعالى لم يصدق بالمعجزة إلا الصادق الكاذب؛ لأنا نقول: قد مر لنا جواب هذا حيث بينا أن الإمام الرازي بناه على ثبوت العادة بأن الله تعالى لم يصدق في حاري عادته إلا الصادق، وهذا من قبيل إثبات النقش للعرس قبل إثبات العرش نفسه، فيجب أولا إثبات العادة بان الله تعالى لم يصدق إلا الصادق، فإن إثبات هذه العادة لا يتم على قاعدة الأشاعرة في نفي الحسن والقبح عقلا ولو تم لهم ذلك بالنظر إلى المتأخرين من المرسلين عليهم السلام لم يتم لم بالنظر إلى أول رسول حيث لا يتصور دعوى العادة كنا مر موضحا مفصلا.
ثم نقول: أنه لا ينبغي خلاف لأحد من القعلاء في امتناع اجتماعالجزم بالشيء مع احتمال نقيضه كيف ولم لم يكن الأمر كذلك لما تميز العلم واليقين عن الظن.....ولذا أنكر نجم الدين الكاتبي في شرحه للمحصل على من قال بما يستلزم ذلم أي تجويز الجزم بالشيؤ مع احتمال نقيضه، وأشار إلى أنه محال، والأمر كنا قال.
Страница 139