280

Идах Таухид

إيضاح التوحيد بنور التوحيد لسعيد الغيثي

Жанры

وحكم العقل عند المعتزلة أنه معرف موجب لوجوب الإيمان وحسنه وقبح الكفره، وبه قال بعض أصحابنا عند عدم الشرع، فإنهم جعلوه حاكما في مواضع من العقليات، فأوجبوا على المكلف الذي لم يسمع بشرع فعل ما حسن في العقل فعله، وترك ما قبح في العقل فعله، لكن هذا البعض من أصحابنا لا يجعلون العقل حاكما على الشرع، بل يجعلونه حاكما عند عدم الشرع، لئلا يكون سدى؛ والمعتزلة يحكمون العقل مطلقا.

والحجة العقلية هي ما تكون بخاطر البال أو بإلهام في القلوب، أو بانشراح صدر إلى ذلك الشيء، وهي حجة على المكلف في الأمور العقلية، فإذا خطر على البالغ العاقل أن له إلها، فذلك الخاطر هو حجة الله عليه، سواء سمع أن له إلها أو لم يسمع، وكذلك إذا انشرح صدره لمعرفة شيء من كمالات الله تعالى، وكذلك إذا ألهم شيء من ذلك فإن هذه الأشياء كلها حجج عقلية تقوم لله على عباده من جهة عقولهم فيما يدرك العقل فيه علمه، قال تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} (¬1) ، ومن وسعها إدراك ما أدركه العقل وقد تقدم هذا غير مرة.

تنبيه

اعلم أن الأدلة على وحدانية الله تعالى شاهرة ظاهرة، منها ما يكون من جهة العقل ومنها ما يكون من جهة السمع، ومنها ما يرى بالأبصار ومنها ما يشم بآلة الشم، ومنها ما يطعم بالفم إلى غير ذلك مما لا يحصى عددا، كما دل عليه القرآن في غير موضع، كما في قوله تعالى: {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت} (¬2) ، وأمثاله من الآيات، ولله در القائل:

فيا عجبا كيف يعصى ... الإله ... أم كيف يحجده الجاحد

وفي كل شيء له ... آية ... تدل على أنه واحد

ولله في كل ... تحريكة ... وتسكينة أبدا شاهد

¬__________

(¬1) - ... سورة البقرة: 286.

(¬2) - ... سورة الغاشية: 17.

Страница 282