فنحر هو ناقة، فوقعت المنافرة بينهما، فنحر غالب ناقتين، ونحر سحيم ناقتين، ثم نحر غالب ثلاثًا، ونحر سحيم ثلاثًا، فعمد غالب إلى مئة ناقة فنحرها، فغلب غالب: فلما انصرف الناس إلى الكوفة، قال بنو رياح لسحيم: جررت علينا عار الدهر: هلا نحرت كما نحر، وكنا نعطيك مكان كل ناقة ناقتين، فاعتذر بأن إبله كانت غائبة، ثم عمد إلى ثلاث مئة ناقة وعقرها، وقال للناس شأنكم بها.
فقال علي بن أبي طالب ﵁ هذا مما أهل به لغير الله، فلا يأكل أحد منها شيئًا، وأمر بطرح الناس عنها، فأكلتها السباع والكلاب. فكان الفرزدق يفخر بذلك، فقال جرير: ليس الفخر في عقر النوق، وقال:
وقدْ سرّني أنْ لا يعدَّ لمعشرٍ ... من المجدِ إلاَّ عقرنيبٍ بصوأرِ
يقول: تحسبون عقر النيب أفضل مجدكم، فهلا حسبتم عقر الكمي المقنع من أفضل مجدكم، لأن قتل الشجعان والأبطال، أفضل ما فعلتم، من عقر النيب وأفخر وصفهم بالجبن والخور، ونسبهم إلى الضعف واللؤم والنوك وإنما يهجو الفرزدق، ويعرض به، للمعاقرة، التي كانت بين سحيم بن وثيل الرياحي وبين
1 / 70