ومما يدل أن علماء الحنابلة أكثر أهل العلم ببغداد آنذاك: أن علماء المدرسة المستنصرية الذين ورد ذكرهم في كتاب (تاريخ علماء المستنصرية) والذين بلغوا (٢٥٠) عالمًا، غالبيتهم من علماء الحنابلة، ولإيضاح ذلك أكثر، فإن شيوخ الحديث بالمدرسة المذكورة الذين ذكروا في الكتاب المذكور بلغوا (٢٢) عالمًا، نصفهم تقريبًا من علماء الحنابلة (١).
هذا ويبدو أن هذه الأعداد المشار إليها - مع قلتها - تعطي صورة واضحة عن وفرة العلماء وكثرتهم في بغداد - في العصر المتحدث عنه -، مما يدل دلالة جلية على نشاط الحركة العلمية، وازدهارها في ذلك العصر ازدهارًا ملموسًا.
وسأذكر هنا بعض مشاهير العلماء في عدد من الفنون والعلوم ممن تصدوا للتدريس أو التأليف، فتركوا آثارًا علمية جليلة، وخلفوا تراثًا علميًا أصيلًا.
أولًا: في القراءات:
١ - أبو بكر محمد بن عمر بن المشيع الجزري، المقصاتي (ت ٧١٣ هـ) من مشاهير القراء في زمنه. قال عنه الذهبي: (كان بصيرًا بالقراءات، قيمًا بمعرفتها، واقفًا على غوامضها ...) وذكر في منتخب المختار: أنه واظب على الإقراء بالعراق أكثر من خمسين سنة (٢).
٢ - أبو محمد عبد الله بن عبد المؤمن بن الوجيه الواسطي (ت ٧٤١ هـ) كان شيخ القراء في العراق في زمنه، ومقرئ القرآن بالمدرسة المستنصرية ببغداد، صنف في القراءات: المختار، والكنز، والكفاية، وتحفة الإخوان في آيات القرآن، وغيرها (٣).
_________
(١) انظر: تاريخ علماء المستنصرية، ١/ ٢٣٠.
(٢) انظر: معرفة القراء الكبار، ٢/ ٧٢٥، منتخب المختار، ص، ١٩٧، الدرر الكامنة، ١/ ٤٥٣.
(٣) انظر: منتخب المختار، ص، ٦٩، الدرر الكامنة، ٢/ ٢٧٠، غاية النهاية في طبقات =
1 / 62