الإسلامية، حتى أصبحوا مقصدًا لطلاب العلم من مختلف المدن والأقطار الإسلامية.
وقد سجلت كتب التواريخ والتراجم (١) التي تعنى بالقرن الثامن الهجري أعدادًا كثيرة من علماء بغداد في ذلك العصر، ومما يدل على كثرة العلماء والمتعلمين في بغداد آنذاك ما ذكره الإمام الذهبي في ترجمة العلامة/ محمود بن علي الدقوقي الحنبلي (ت ٧٣٣ هـ): أنه كان يحضر إقراءه للحديث بدار الحديث ببغداد خلق كثير، يبلغون عدة آلاف (٢)، كما ذكر الإمام ابن
رجب في ترجمة العلامة جمال الدين الخضري (ت ٧٦٥ هـ): أنه كان يحضر درسه بمسجد يانس ببغداد الخلق الكثير، منهم المدرسون والأكابر (٣)، وقد ترجم في منتخب المختار (تاريخ علماء بغداد) لـ (٢٠١) من علماء بغداد، جلُّهم في القرن الثامن الهجري، كما ترجم ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة لحوالي (٤٠) شخصية علمية من علماء الحنابلة ببغداد في ذلك العصر ممن نشأ فيها، أو قدمها للدراسة بها، بينما ذكر الأستاذ ناجي معروف (٢٥٠) شخصية علمية من رجالات العلم بالمدرسة المستنصرية ببغداد جلُّهم في العهد المغولي، وكان كثير منهم من علماء العصر المذكور على وجه الخصوص.
هذا وأشير إلى أن العلماء في بغداد من مختلف المذاهب الأربعة كانوا فيها بأعداد كثيرة، إلا أن الغالبية منهم كانوا من علماء الحنابلة، ويبدو ذلك ظاهرًا من خلال الاطلاع على كتب التراجم التي تعنى بعلماء هذا العصر، وعلى الخصوص منها: كتاب منتخب المختار (تاريخ علماء بغداد)، وكتاب الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة.
_________
(١) من هذه الكتب: منتخب المختار (تاريخ علماء بغداد)، تلخيص مجمع الآداب، المعجم المختص، البداية والنهاية، ذيل طبقات الحنابلة، الدرر الكامنة، شذرات الذهب، وغيرها.
(٢) انظر: المعجم المختص، ص، ٢٧٧، وكذا قاله ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة، ٢/ ٤٢٢.
(٣) أنظر: ذيل طبقات الحنابلة، ٢/ ٤١٣.
1 / 61