Иктисам
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Исследователь
سليم بن عيد الهلالي
Издатель
دار ابن عفان
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Место издания
السعودية
الْقِسْمُ الثَّالِثُ أَنَّ مِنَ الْبِدَعِ مَا هُوَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ: وَهُوَ مَا تَنَاوَلَتْهُ قَوَاعِدُ النَّدْبِ وَأَدِلَّتُهُ; كَصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ، وَلِإِقَامَةِ صُوَرِ الْأَئِمَّةِ وَالْقُضَاةِ وَوُلَاةِ الْأُمُورِ عَلَى خِلَافِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ; بِسَبَبِ أَنَّ الْمَصَالِحَ وَالْمَقَاصِدَ الشَّرْعِيَّةَ لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِعَظَمَةِ الْوُلَاةِ فِي نُفُوسِ النَّاسِ، وَكَانَ النَّاسُ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ ﵃ مُعْظَمُ تَعْظِيمِهِمْ إِنَّمَا هُوَ بِالدِّينِ وَسَبْقِ الْهِجْرَةِ، ثُمَّ اخْتَلَّ النِّظَامُ، وَذَهَبَ ذَلِكَ الْقَرْنُ، وَجَدَّ قَرْنٌ آخَرُ لَا يُعَظِّمُونَ إِلَّا بِالصُّوَرِ، فَتَعَيَّنَ تَفْخِيمُ الصُّوَرِ حَتَّى تَحْصُلَ الْمَصَالِحُ.
وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁ يَأْكُلُ خُبْزَ الشَّعِيرِ وَالْمِلْحِ، وَيَفْرِضُ لِعَامِلِهِ نِصْفَ شَاةٍ كُلَّ يَوْمٍ; لِعِلْمِهِ بِأَنَّ الْحَالَةَ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا دُونَ غَيْرِهِ لَوْ عَمِلَهَا غَيْرُهُ لَهَانَ فِي نُفُوسِ النَّاسِ وَلَمْ يَحْتَرِمُوهُ، وَتَجَاسَرُوا عَلَيْهِ بِالْمُخَالَفَةِ، فَاحْتَاجَ إِلَى أَنْ يَضَعَ غَيْرَهُ فِي صُورَةٍ أُخْرَى تَحْفَظُ النِّظَامَ.
وَلِذَلِكَ لَمَّا قَدِمَ الشَّامَ; وَجَدَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ قَدِ اتَّخَذَ الْحُجَّابَ، وَاتَّخَذَ الْمَرَاكِبَ النَّفِيسَةَ وَالثِّيَابَ الْهَائِلَةَ الْعَلِيَّةَ، وَسَلَكَ مَا سَلَكَهُ الْمُلُوكُ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: " إِنَّا بِأَرْضٍ نَحْنُ فِيهَا مُحْتَاجُونَ لِهَذَا ". فَقَالَ لَهُ: " لَا آمُرُكَ وَلَا أَنْهَاكَ "، وَمَعْنَاهُ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِحَالِكَ: هَلْ أَنْتَ مُحْتَاجٌ إِلَى هَذَا فَيَكُونُ، أَوْ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَيْهِ؟
فَدَلَّ ذَلِكَ مِنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ أَحْوَالَ الْأَئِمَّةِ وَوُلَاةِ الْأُمُورِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْصَارِ وَالْقُرُونِ وَأَحْوَالِ أَهْلِهَا، فَكَذَلِكَ يُحْتَاجُ إِلَى تَجْدِيدِ زَخَارِفَ وَسِيَاسَاتٍ لَمْ تَكُنْ قَدِيمَةً، وَرُبَّمَا وَجَبَتْ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ.
1 / 242