Ибрагим Тани
إبراهيم الثاني
Жанры
قالت: «كيف؟ ألست أنت الذى تفتح لى آفاقا جديدة من النظر والرغبة كنت مصروفة عنها؟»
قال: «ليس السؤال هو الذى فعل ذلك، وإنما هو فعل ما استيقظ فى نفسك حين دار فيها الوسواس الجديد.. أن لعلك تحبين صادقا.. وهل أنت تحبينه أو لا تحبينه.. وهل قسم لك الزواج منه أو لم يقسم.. وهل ستتزوجين أو لا تتزوجين.. هذه الخواطر تبدو فى ظاهرها مجرد أسئلة.. ويبدو أن الغرض منها الاستبانة أو الاستشفاف أو الاستجلاء، ولكنها تنطوى على أكثر من ذلك، لأن كل سؤال مقترن فى الخيال بصورة.. بل بصور.. صور شتى للحياة كما هى فى حاضرها، وللحياة كما يمكن، أو يرجى، أو يخشى، أن تكون فى الغد القريب أو البعيد. وهذه الصور تكون فى أول الأمر غامضة ملتاثة، ثم تتضح شيئا فشيئا، وتتجسد، وتتخذ أشكالا تكاد تلمس وتحس. ولا يقتصر الأمر على هذا، بل تشرع الصور التى تتمثل للخيال وتزداد جلاء وتجسدا على الأيام، ومع طول مناجاة النفس، أقول تشرع فى الإيحاء إلى النفس ... فتحرك إحساس الإنسان، وتثير رغبته وتبعث ما كان كامنا، وتوقظ ما كان راقدا، وتزيد ما لا ينقصه الابتعاث، قوة. ومن هنا تضعف وتقل القناعة بالحاصل الموجود».
وأمسك، وسارا خطوات وهما صامتان، وذراعه ما يزال فى ذراعها. ثم رفعت إليه وجهها، وقالت مرة أخرى - بابتسام يخفف من وقع التهكم، إذا كان فى عبارتها تهكم: «تتفلسف دائما.. أليس هذا دأبك؟»
قال مستغربا: «أتفلسف؟ أعوذ بالله.. لماذا تعدين بسط الحقيقة أو مواجهتها فلسفة أو تكلفا للفلسفة؟»
قالت: «لقد بلغنا المحطة.. خلنا فى الدرجة الثانية».
قال: «يا خبيثة، إنما تريدين أن تستريحى من فلسفتى.. بل سنركب فى الدرجة الأولى.. واطمئنى فإنى لا أستطيع الكلام مع ضجة القطار.. وحسبى أن تتكلمى أنت وأسمع.. جاء دورك.. تعالى».
وأخذ التذكرتين - ذهابا وإيابا - ومضى بها إلى مركبة الدرجة الأولى.
7
ولكنه تكلم على طول الطريق من باب اللوق إلى المعادى. ذلك أنه ما كاد يقعد وميمى إلى جانبه، حتى دخل رجل طويل موخوط الشعر، وانحط على مقعد قريب منهما، فهمست ميمى فى أذنه: «هذا الرجل يتبعنى».
فسألها بصوت خفيض، ومن غير أن يحول وجهه إليها: «من هو؟» قالت: «هو الجار الذى حدثتك عنه».
Неизвестная страница