Ибрагим Тани
إبراهيم الثاني
Жанры
ومضى وتركها قلقة. تشعر أن وراء ما قال، ما كانت تود أن تعرفه لتطمئن وتأخذ حذرها. وودت لو كان معها إبراهيم فى هذه الساعة ليمسح على قلبها، ويرد إليها سكينة نفسها.
2
وأقبل العيد، فأصبح الناس مفطرين بسنة الله الرضية، بعد أن صاموا رمضان بالبر. وكانت عادة إبراهيم منذ ماتت أمه أن يقضى العيد - كل عيد - مع تحية عند أبيها فى البلدة، لا طلبا للسكون، ولا رغبة فى التملى بجمال الريف، فما كان بيته بالصاخب، ولا الضاحية غير جميلة. ولكنه كان يثقل عليه أن يرى بيته فى العيد وليست فيه أمه. وكانت تحية هى التى فطنت إلى هذا، فاقترحت أن يزورا القبر ثم يرحلا إلى البلدة، فصارت هذه عادة مرعية. وكان يود لو قضى يوما من العيد مع ميمى، ولكنها هى أيضا كانت تهم بالسفر إلى أبيها فقال لها: «تعالى إذن معنا فإنا ذاهبون بالسيارة فنقطع الطريق إلى دمنهور على مهل، وهناك نفترق على أن نلتقى مرة أخرى فى الإياب». فأبت، وقالت: «إن تحية خليقة أن تستغرب هذا، وليس يحسن أن نثير هواجسها فحسبها ما عانت». وكانت ميمى تعرف قصة عايدة، فقد حدثها بها.
وعرف صادق أن ميمى مزمعة سفرا إلى أبيها، فاقترح عليها أن يذهب بها بالسيارة - سيارة أبيه - إلى الإسكندرية، وهناك يقضيان النهار كله، ثم يكران راجعين إلى دمنهور، فترددت ميمى فما كانت لها ثقة بهذا الفتى المقلق.
فسألها: «أتخشيننى يا ميمى؟»
ولم تستطع أن تبدو له مترددة، ولا أن يجىء جوابها أسرع مما ينبغى فيكون أدل على الخشية، فتمهلت هنيهة، وسترت ما تنطوى عليه بنظرة فاحصة ألقتها إليه، وطيف ابتسامة ساخرة على شفتيها. ثم قالت: «أتظن جادا أنى أخشاك؟»
فقال وهو يروح ويجئ وعينه إلى الأرض: «إنك فتاة عجيبة. وما أدرى والله ماذا أظن، ولكنك لا تخشيننى، وهذا جلى فلا ترفضى إذن.. تصورى يوما كاملا نقضيه فى الهواء الطلق.. سأذهب بك إلى أجمل ناحية فى الرمل، وسأكون خادمك، بل عبدك. ولا أكون معك إلا على الحال الذى ترضين. لا لا لا.. لا تنظرى إلى هكذا.. كونى امرأة حقيقية مرة واحدة فى العمر. على الأقل معى ...».
فصاحت به: «صادق».
قال: «ليس هناك أى سبب يمنع أن تذهبى معى.. وسأعنى بك وأسهر على راحتك.. لماذا تحرمين نفسك هذه المتع البريئة؟»
ففكرت فيما كان إبراهيم قال لها وأشار به عليها، من إيلائه الثقة التى يضن بها عليه الناس، وأهله خاصة. وقالت: «وماذا أعددت فى رأسك لى من هذه المتع؟»
Неизвестная страница