Ибн Хазм: его жизнь, эпоха, взгляды и юриспруденция
ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه
Издатель
دار الفكر العربي
Место издания
القاهرة
بفقيه، ولا أدرى ما فيه، ولكني اقتنيت خزانة كتب واحتفلت فيها لأجمل بها بين أعيان البلد، وبقي فيها موضع يسع هذا الكتاب، فلما رأيته حسن الخط، جيد التجليد استحسنته ولم أبال بما أزيد فيه، والحمد لله على ما أنعم. من الرزق فهو كثير)) (١).
١٣٣ - وإنه بجوار ذلك الجد في القيام بالشعائر الدينية، والتستر بالمنكرات، وكسر أواني الخمر، والعناية بجمع الكتب، كان اللهو الماجن أحياناً في متنزهاتها، وكان للقول العابث فيها مستراد ومذهب، ولقد أشار إلى ذلك المقري معتبراً به مستبصراً، فقال:
(وقد رأيت أن أزيد على ما تقدم مما قصدت جلبه في هذا الموضع نبذة من كلام الفتح في ذكر متنزهات قرطبة وغيرها من بلاد الأندلس، ووصف مجالس الأنس التي كانت بها، مما تنشرح له الأنفس، ووقع ذكر غير قرطبة والزهراء لهما تبعاً، ولا يخلو ذلك من عبرة بحال من جعل اللهو مصيفاً ومرتبعاً، ثم طواه الدهر طي السجل، ومحا آثاره التي كانت تسمو وتجل، وما قصدنا علم الله غير الاعتبار بهذه الأخبار، لا الحث على الحرام، وتسهيل القصد إليه والمرام، والأعمال بالنيات)) (٢).
فكان الجدل والتستر بجوار المتنزهات فيها اللهو والعبث، ولقد كان ذلك بلا ريب مظهراً لذلك المجتمع المزيج من عدة عناصر وسلالات، والتقت فيه عدة حضارات وثقافات وحدتها اللغة، ولكن بقيت تلك العناصر، وتبرز في النواحي الاجتماعية ومظاهرها، فإن الفكر من السهل توحيده، وكذلك السياسة من السهل توحيدها إن توافرت العزائم، واستقامت النيات، أما النفوس فإنه ليس من السهل توحيدها وجمعها على مشرب واحد.
١٣٤ - لقد عاش ابن حزم في قرطبة التي كانت متنزهاتها كمثيلاتها من مدن الأندلس مرتعاً لهذا النوع من اللهو الذي اختلط فيه الحلال بالحرام.
(١) نفح الطيب = ٤ ص ١١٣، ١١٤ طبع الرفاعي.
(٢) الكتاب المذكور = ٠ ص ٢١٩، ٢٢٠.
111