(218) والسؤال بحرف " هل " هو سؤال عام يستعمل في جميع الصنائع القياسية. غير أن السؤال به يختلف في أشكاله وفي المتقابلات التي يقرن بها هذا الحرف وفي أغراض السائل بما يلتمسه بحرف " هل " . فإن في الصنائع العلمية إنما يقرن حرف " هل " بالقولين المتضادين، وفي الجدل يقرن بالمتناقضين فقط، وفي السوفسطائية بما يظن إنهما في الظاهر متناقضان، وأما في الخطابة والشعر فإنه يقرن بجميع المتقابلات وبما يظن أنهما متقابلان من غير أن يكونا كذلك. ويصرح في العلوم وفي الجدل بالمتقابلين معا أو يجعل السؤال - وإن لم يصرح بالمتقابلين معا اختصارا - قوته قوة ما يصرح فيه بالمتقابلين، وأما في السوفسطائية فبما يظن في الظاهر أنه سؤال علمي أو جدلي، وأما في الخطابة والشعر فربما صلح أن يصرح فيه بالمتقابلين وربما لم يصلح أن يصرح. وليس يجوز أن تكون مخاطبة جدلية أصلا إلا سؤال بحرف " هل " وإلا جوابا عما يسأل عنه بحرف " هل " ، وكذلك المخاطبة السوفسطائية. وأما المخاطبة الخطبية والشعرية فإنها قد تكون ابتداء لا عن سؤال سابق، وقد تكون سؤالا بحرف " هل " وجوابا عن السؤال بحرف " هل " . وكذلك في العلوم. غير أن السؤال العلمي إنما هو يلتمس السائل أن يخبره المسؤول من المتقابلين بالذي هو الصادق منهما فقط مقرونا بالذي يتبين صدقه ويفيد اليقين فيه ، فإنه سؤال ينتظم هذين.
(219) والسؤال الجدلي يستعمل في المكانين، أحدهما سؤالا يلتمس به تسلم وضع يقصد السائل إبطاله والمجيب حفظه أو نصرته، والثاني سؤالا يلتمس به تسلم المقدمات التي يقصدبها السائل إبطال الوضع. وكلاهما عنغير جهل. فالذي يلتمس به تسلم الوضع فليس يلتمس أن يخبر السؤال بالذي هو حق يقين من المتقابلين، بل يخبر السائل المسؤول بحرف " هل " أن يجيب بأيهما شاء أو أن يجيب من الأوضاع بما حفظه أو نصرته عليه أسهل. فربما اختار المجيب في وقت أحد المتقابلين وفي وقت آخر المقابل الآخر، ويكون الاختيار إليه في ذلك، ولا يكون خارجا عن طريق الجدل إذ كان مباحث الجدل إنما يقصد تعقب كل واحد مما يختاره المجيب من المتقابلات والتنقير عنه والفحص عن قياساته ونقضها في ما بينه وبين المجيب، بعد أن يكون قد ارتاض قبل ذلك في كل واحد من المتقابلين وإبطاله وتعقبه والتنقير عنه والفحص عما يورد كل واحد من المتحاورين.
Страница 71