السلف "وهؤلاء المتأخرون"١ ممن ينتصب لعداوة آل البيت رسول الله ﷺ، ويبخسهم حقوقهم، ويؤذيهم، أو ممن يغلوا فيهم غير الحق ويفتري عليهم الكذب، ويبخس السابقين والطائعين حقوقهم، ورأى أن في المأثور عن أولئك السلف في باب التوحيد والصفات، وباب العدل والقدر، وباب الإيمان والأسماء والأحكام، وباب الوعيد والثواب، والعذاب، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ما يتصل به حكم الأمراء أبرارهم وفجارهم، وحكم الرعية معهم، والكلام في الصحابة والقرابة ما يبين لكل عاقل عادل أن السلف المذكورين لم يكن بينهم من النزاع في هذه الأبواب إلا من جنس النزاع الذي أقرهم عليه الكتاب والسمة كما تقدم ذكره، وأن البدع الغليظة المخالفة للكتاب والسنة، واتفاق أولي الأمر الهداة المهتدين إنما حدثت من الأخلاف، وقد يعزون بعض ذلك إلى بعض الأسلاف، تارة بنقل غير ثابت، وتارة بتأويل لشيء من كلامهم متشابه.
ثم إن من رحمة الله قل أن ينقل عنهم شيء من ذلك إلا وفي النقول الصحيحة الثابتة عنهم للقول المحكم الصريح ما يبين غلط الغالطين عليهم في النقل أو التأويل، وهذا لأن الصراط المستقيم في كل الأمة بمنزلة الصراط في الملك، فكمال الإسلام هو الوسط في الأديان والملك، كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ ٢.
ولم ينحرفوا انحراف اليهود والنصارى والصابئين.
فكذلك أهل الاستقامة، ولزوم سنة رسول الله ﷺ، وما عليه السلف، تمسكوا بالوسط، ولم ينحرفوا إلى الإطلاق.
فاليهود مثلا جفوا في الأنبياء والصديقين حتى قتلوهم وكذبوهم، كما قال الله تعالى:
_________
١-ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
٢-سورة البقرة، آية: ١٤٣.
1 / 41