Индия после Ганди: История крупнейшей демократии в мире
الهند ما بعد غاندي: تاريخ أكبر ديمقراطية في العالم
Жанры
في دلهي، ثارت عاصفة من «التصفيق المطول» عندما افتتح رئيس الجمعية التأسيسية الجلسة بذكر أبي الأمة: موهانداس كرمشاند غاندي. وفي الخارج، هتفت الحشود «عاش المهاتما غاندي»، إلا أن غاندي لم يحضر الاحتفالات التي أقيمت في العاصمة. كان في كلكتا، لكنه لم يحضر أي احتفال ولا حتى رفع علما هناك. وقد انتشرت قبعات غاندي في مقر الحكومة دون علمه أو إذنه. وفي مساء يوم 14 أغسطس، زاره رئيس وزراء غرب البنغال، الذي سأله كيف ينبغي أن تكون الاحتفالات في اليوم التالي، فرد عليه غاندي قائلا: «الناس يموتون جوعا في كل مكان. أترغب في الاحتفال في ظل هذا الدمار؟»
7
كان مزاج غاندي متعكرا للغاية؛ فعندما طلب منه مراسل صحفي من الصحيفة الرائدة لدى الحركة القومية - «هندوستان تايمز» - توجيه رسالة بمناسبة الاستقلال، أجابه غاندي بأنه «قد فرغت جعبته» وطلبت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) من سكرتيره أن يساعدها في تسجيل رسالة من الرجل الوحيد الذي رأى العالم أنه يمثل الهند بحق، فأخبرهم غاندي أن يتحدثوا إلى جواهر لال نهرو عوضا عنه. لم تقتنع البي بي سي وأرسلت مبعوثها مجددا، مضيفا - على سبيل الحافز - أن تلك الرسالة سوف تترجم إلى لغات عديدة وتذاع في جميع أنحاء العالم، فلم يتأثر غاندي وقال: «اطلب إليهم أن ينسوا معرفتي باللغة الإنجليزية.»
خص غاندي يوم 15 أغسطس بالصيام أربعا وعشرين ساعة؛ فقد جاءت الحرية التي لطالما حارب من أجلها بثمن غير مقبول؛ إذ استتبع الاستقلال تقسيما أيضا. وشهدت الشهور الاثنا عشر السابقة له شغبا يكاد يكون متواصلا بين الهندوس والمسلمين. بدأ العنف يوم 16 أغسطس 1946 في كلكتا وامتد إلى الريف البنغالي، ومن هناك انتقل إلى بيهار، ثم إلى المقاطعات الاتحادية، وأخيرا إلى مقاطعة البنجاب؛ حيث تخطى نطاق العنف ومدى القتل حتى الفظائع التي سبقته.
في بداية الأمر، كان من أشعل فتيل العنف الذي ساد شهري أغسطس وسبتمبر لعام 1946 «العصبة الإسلامية»؛ الحزب الذي غذى الحركة الداعية إلى إقامة دولة باكستانية منفصلة. تزعم تلك العصبة محمد علي جناح، الذي كان رجلا صارما متحفظا وإن كان بارعا في التخطيط السياسي؛ فعلى غرار نهرو وغاندي، كان محاميا تلقى تعليمه في إنجلترا، ومثلهما كان يوما عضوا في المؤتمر الوطني الهندي، ولكنه ترك الحزب لشعوره أنه كان تحت قيادة الهندوس ويعمل لصالحهم؛ فقد رأى جناح أن الحزب - على الرغم من تصريحاته القومية - لم يعبر في الواقع عن مصالح أكبر أقلية في الهند: المسلمين.
فبإشعال فتيل الشغب في كلكتا في أغسطس 1946، كان جناح والعصبة يأملان في تصعيد عملية الاستقطاب بين الطائفتين؛ ومن ثم إجبار بريطانيا على تقسيم الهند عند الجلاء عنها في نهاية المطاف. وقد توجت جهودهم بنجاح باهر؛ إذ رد لهم الهندوس الصاع صاعين بوحشية في بيهار، وحظيت أعمالهم بدعم زعماء حزب المؤتمر الوطني المحليين. كان البريطانيون قد سبق أن قالوا إنهم لن يسلموا السلطة إلى أي حكومة «ترفض فئات كبيرة وقوية ضمن الأطياف الوطنية الهندية سلطتها رفضا مباشرا».
8
وبدا أن الدماء التي أريقت بين عامي 1946 و1947 تشير إلى أن المسلمين يمثلون تلك الجماعة تماما، التي لن تعيش هانئة راضية تحت حكومة تابعة للمؤتمر الوطني ويسيطر عليها الهندوس، فصارت «كل واقعة عنف طائفي يستشهد بها كتأييد إضافي لنظرية الدولتين، وحتمية تقسيم البلاد».
9
لم يقف غاندي مكتوف اليدين أمام ذلك العنف؛ فعندما وردت أولى التقارير من ريف البنغال، نحى كل شيء جانبا واتجه إلى تلك البقعة، وسار ذلك الرجل الذي كان يبلغ من العمر سبعة وسبعين عاما على أرض وعرة مجتازا الطين والحجارة؛ ليواسي الهندوس الذين لاقوا الأمرين من أحداث ذلك الشغب. وخلال جولة مدتها سبعة أسابيع قطع 116 ميلا سيرا على الأقدام - أكثرها حافي القدمين - مخاطبا قرابة 100 مجلس في القرى. وفيما بعد زار بيهار؛ حيث كان المسلمون هم أصحاب المصاب الأكبر، ثم ذهب إلى دلهي؛ حيث بدأ اللاجئون من البنجاب يتوافدون، من الهندوس والسيخ الذين خسروا كل شيء في المجازر التي وقعت. كانت تملؤهم مشاعر انتقامية، سعى غاندي إلى احتوائها؛ إذ خشي أن تسفر عن عنف انتقامي ضد المسلمين الذين اختاروا البقاء في الهند.
Неизвестная страница