Индия после Ганди: История крупнейшей демократии в мире
الهند ما بعد غاندي: تاريخ أكبر ديمقراطية في العالم
Жанры
والحقيقة أنه منذ نشأة ذلك البلد كان ثمة هنود كثر ارتأوا أن بقاء الهند على المحك، فكان بعضهم (الوطنيون) يتحدث أو يكتب في تخوف، والبعض الآخر (الانفصاليون أو الثوريون) يتحدث أو يكتب في ترقب. وعلى غرار نظرائهم الأجانب، صاروا يعتقدون أن ذلك المكان أكثر تنوعا من أن يظل دولة، وأفقر من أن يظل ديمقراطيا.
4
في العقد الأخير من القرن الماضي أقمت بمسقط رأس غالب، إلا أنني لم أعش في المدينة القديمة المسورة حيث لا يزال قصر عائلته قائما، وإنما في نيودلهي التي بناها البريطانيون لتكون عاصمة لإمبراطوريتهم في الهند. وكما في زمن ذاك الشاعر، كان الهندي يقاتل أخاه الهندي. وفي طريقي إلى العمل كان علي أن أجتاز طريق راج باث (كينجز واي سابقا؛ أي، طريق الملك)، وهو الطريق الذي يشير اسمه وموقعه إلى ممارسة سلطة الدولة. يمتد ذلك الطريق قرابة ميل على أرض منبسطة، وعلى جانبيه مساحات فسيحة، الهدف منها أن تسع آلاف المتفرجين الذين يأتون لمشاهدة الاستعراض السنوي في عيد الجمهورية، ثم يعلو الطريق تل ليبلغ المبنيين العريقين المشيدين من الحجر الرملي والمعروفين بالمبنى الشمالي والمبنى الجنوبي، واللذين يحويان مكاتب الحكومة الهندية. وينتهي الطريق بالمنزل المهيب الذي كان نائب الملك في الهند يعيش فيه يوما في عهد الهند البريطانية.
وقتما انتقلت إلى نيودلهي كان البريطانيون قد رحلوا عنها منذ زمن بعيد، فكانت الهند آنذاك جمهورية حرة ذات سيادة، ولكنها لم تكن جمهورية هانئة تماما على ما يبدو؛ إذ لاحت علامات الشقاق في كل مكان. ومن الجدير بالذكر أنه على طريق راج باث، الأراضي، التي يفترض أن تكون خالية في غير أيام المراسم الاحتفالية، صارت قرية عامرة بالخيام، وكل منها علقت خارجه لافتات نابضة بالحياة. كان من الممكن أن يسكن إحدى تلك الخيام فلاحون من جبال الهيمالايا بمقاطعة أوتراخند يطالبون بمقاطعة منفصلة، في حين يسكن أخرى مزارعون من مهاراشترا يحاربون من أجل رفع سعر غلتهم، ويسكن ثالثة أهالي ساحل كونكان الجنوبي الذين يلحون على الاعتراف بلغتهم رسميا بضمها إلى الجدول الثامن للدستور الهندي.
وكان الأشخاص المقيمون في تلك الخيام والقضايا التي يدفعون بها في تغير دائم؛ فقد يحل عمال المصانع المحتجون على تخفيض النفقات محل فلاحي التلال ، ويحل لاجئون من منطقة التبت يطلبون الجنسية الهندية محل مزارعي مهاراشترا، ورهبان هندوسيون يطالبون بحظر ذبح البقر محل متحدثي اللغة الكونكانية.
في أوائل تسعينيات القرن العشرين، أزالت الحكومة تلك الخيام على نحو فوري؛ خوفا من الانطباع الذي قد يخلفه مثل ذلك التعبير الصريح عن المعارضة لدى الزوار الأجانب. فأخلي طريق راج باث من تلك التعديات واستردت مروجه الخضراء زهوها السابق، إلا أن المحتجين تجمعوا مرة أخرى وانتقلوا إلى مكان آخر، إذ استقروا آنذاك على بعد ميل تجاه الشمال الغربي إلى جانب مرصد جانتار مانتار في منطقة كونوت بليس. هناك كانوا بعيدين عن أعين الدولة، ولكن أمام أعين المواطنين الذين يمرون يوميا من منطقة التسوق المزدحمة تلك. عام 1998 قررت الشرطة أن ذلك الوضع لا يمكن أن يستمر أيضا، فهدمت الأعشاش مجددا، إلا أنه - حسب إفادة إحدى الصحف: «بالنسبة إلى السلطات، لم يتغير سوى المكان؛ فالمشكلات لا تزال قائمة. وما كان منها إلا أن نقلت هؤلاء المحتجين إلى قطعة أرض خالية عند تقاطع ماندير مرج وطريق شانكار؛ حيث يرجح أن يكونوا أقل لفتا للأنظار.»
10
أثناء فترة إقامتي في دلهي - في تسعينيات القرن العشرين - تمنيت أن يتوفر لي متسع من الوقت للسير في طريق راج باث كل يوم من أول يناير إلى نهاية ديسمبر، حتى أسجل ظهور الخيام وقاطنيها واختفاءهما. كانت تلك ستكون قصة الهند كما يرويها شارع واحد في عام واحد. أما الكتاب الماثل بين أيديكم الآن فيتبع نهجا مختلفا؛ فروايته تمتد عبر ستة عقود، بدءا من عام 1947 وصولا إلى وقتنا الحاضر، إلا أنه على غرار الكتاب الذي كنت أنوي يوما تأليفه - استنادا إلى سنة أقضيها أسير بطريق راج باث جيئة وذهابا - يحكي أيضا قصة الصراعات الاجتماعية في المقام الأول؛ من حيث كيفية نشأتها، والتعبير عنها، والسعي إلى حلها.
تجري تلك الصراعات على محاور متعددة، نخص بالذكر منها حاليا أربعة محاور باعتبارها الأبرز؛ أولها: محور «الطوائف الاجتماعية» التي تشكل هوية رئيسية بالنسبة إلى العديد من الهنود؛ إذ يتحدد على أساسها من يستطيعون الزواج، ومع من يمكنهم أن يتواصلوا، ومن ينبغي لهم معاداته. ولفظة «كاستا» البرتغالية تمزج بين مفهومين هنديين هما؛ جاتي: الجماعة التزاوجية التي يولد المرء فيها، وفارنا: المكانة التي تحتلها تلك الجماعة في منظومة التقسيم الطبقي الاجتماعي الذي ذكرتها النصوص الهندوسية المقدسة. وثمة أربع طوائف من «الفارنا»، بينما شكل «المنبوذون» سابقا الطائفة الخامسة (والدنيا). وتتضمن تلك الطوائف أكثر من 3 آلاف «جاتي» أو يزيد، كل منها يتحدى الأعلى منه درجة في المنطقة ذاتها، بينما يمثل له الأدنى منه تحديا بدوره.
المحور الثاني هو «اللغة»: فدستور الهند يعترف باثنين وعشرين لغة باعتبارها لغات «رسمية». أهم تلك اللغات هي «الهندية»، التي يتحدثها أكثر من 400 مليون شخص بصورة أو بأخرى. أما اللغات الأخرى فمنها: التيلوجوية، والكانادية، والتاميلية، والمالايالامية، والماراثية، والجوجاراتية، والأورية، والبنجابية، والبنغالية، والآسامية، وكل منها له طريقة كتابته المميزة، ويتباهى بأنه اللغة الأصلية لملايين البشر. وبطبيعة الحال، لم ينظر إلى الوحدة الوطنية والتنوع اللغوي على أنهما متوافقان على الدوام؛ فقد حارب الهنود الذين يتحدثون إحدى اللغات أشقاءهم من متحدثي اللغات الأخرى.
Неизвестная страница