وأنا أعرف أمهات كثيرات يعتنين بأمر أولادهن في هذا الطريق؛ رعاية لصحتهم، بقي على الشاب أمر واحد يخشى عاقبته من ارتكاب الموبقات، وهو العدوى من المرض المشهور، غير أن الحكومة التي تهتم بصحة رعاياها لم تدع مجالا للخوف؛ فإنها بهمة فائقة تعتني اعتناء تاما بالمواخر، والأطباء كهنة أصنام العلم، يراقبون المومسات لقاء أجور يتقاضونها، وهم من جهة أخرى يفتون للشباب بضرورة الاجتماع ولو مرة في الشهر؛ مراعاة لقانون الصحة.
فهم على ذلك يرتبون سير الفحش ترتيبا مدققا ويضبطون دوائره ضبطا «محكما».
ليت الحكومة التي تهتم اهتماما عظيما بإزالة الزهري معالجة تستعمل جزءا من مائة من ذلك الاهتمام من إزالة المومسات؛ فيصبح إذ ذاك في خبر كان.
وقال في حفلات الرقص الساهرة: يجري بيننا وتحت نظرنا من الأمور السافلة ما لا طاقة لذي ناموس وشرف على احتماله، يزورنا رجل لا نجهل من سيرته شيئا؛ فنستقبله أحسن استقبال، وعندما يدخل قاعة الضيوف يجالس أختي أو ابنتي أو قرينتي؛ حيث يتركني وشأني، أو أتركه وشأنه، وربما أعرف من سلوكه وتصرفاته ما أعرف، فكان يلزم - والحالة هذه - أن أتقدم إليه عند قدومه، وأتنحى به جانبا، وأقول له هامسا: إني يا صاح أعرف أحوالك، وأين تصرف لياليك، ومع من، فليس لك عندنا مكان؛ لأن فتياتنا طاهرات.
كذا كان ينبغي أن يفعل كل واحد منا، ولكنا نجري على العكس مما تقدم، فإذا اجتمعنا مع هذا الرجل في ليلة راقصة؛ كان له أن يرقص مع أختي أو ابنتي؛ ويعانقها ويخاصرها، نراه بأعيننا، ونشاهد حركاتهما معا؛ غدوا أو رواحا، وميلا واهتزازا، ولا تشمئز منه نفوسنا؛ بل نتساءل إذا كان حرا لنسعى في تزويجه بإحدى بناتنا، ولو كان أثر المرض باديا عليه.
ثم قال عن الأزياء، وحالة الطبقة العالية من نساء أوروبا: إننا لو أمعنا النظر في معيشة نساء الطبقات العليا كما هي من قلة الحياء والخلاعة لا نجد ثم فرقا بين البيت الذي يضمهن، ونادي مومسات مختلط.
ولكن الناس لا يوافقونني على كلامي هذا، فأنا إذا أقيم لهم برهانا حسيا:
هم يقولون إن نساء هيئتنا الاجتماعية يعشن بحالة تخالف معيشة المومسات، وأنا أخالفهم في ذلك وأقول: إذا كانت النساء تختلف في حالة المعيشة الداخلية، فمن الحقائق المقررة أن ما يكون خارجا منهن أثر المعيشة في الداخل، وهذه يلزم أن تخالف معيشة المومسات من كل وجه، ولكن أنا لا أرى فرقا كبيرا بين معيشة الفريقين في الخارج، قابلوا أيها الناس بين المومسات وبين نساء الطبقة العليا تجدوهن متفقات في الهيئات والأزياء والروائح العطرية وإعراء السواعد والمناكب والصدور، ووضع الوسادة خلف الظهر أينما جلسن وأينما ركبن، وفي اقتناء أنفس الجواهر والحجارة الكريمة اللماعة، وفي المراقص والغناء.
وكما أن المومسات يستعملن كل الوسائط الفعالة لغواية الشبان وجذبهم واستمالة النفوس حتى يصبو لهن كل راء، كذلك نساء الطبقات العالية يفعلن في وسطهن.
النبي محمد
Неизвестная страница