140

Haqiqat al-Iman

حقيقة الإيمان

Жанры

فهذه الآية رافعة للشك جملة في قوله تعالى: إن الطائفة الباغية على الطائفة الأخرى من المؤمنين المأمور سائر المؤمنين بقتالهم حتى تفئ إلى أمر الله، أخوة للمؤمنين المقاتلين، وهذا أمر لا يضل عنه إلا ضال، ولا يقول أحد أن الله تعالى جعلهم إخوانًا إذا تابوا، لأن نص الآية أنهم أخوان حال البغي وقبل الفيء إلى الحق، فقد أمرهم سبحانه بالإصلاح بين المتقاتلين في أول الآية، ثم ذكر في آخرها قوله: (فأصلحوا بين أخويكم) فهم إخوة حال البغي أو القتال.
٣- قال تعالى: (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين) (١) .
فهذه الآية نص جلي على أن الزاني والزانية ليسا مشركين، لأن الله تعالى فرق بينهما فرقًا لا يحتمل البتة أن يكون على سبيل التأكيد، بل على أنهما صفتان مختلفتان، وهذا المذهب في النظر وهو أن يقال أن ذلك توكيدًا لا محل له، فإن الله سبحانه لا يضع لفظًا في القرآن إلا وله فائدة واحدة، وقواعد البلاغة تقتضي عدم الإطالة، والقرآن رأس البلاغة، ولا يصح في عقل مسلم أن يتوهم أن الله سبحانه قد استعمل لفظًا لا فائدة منه إلا التكرار، فهذا مناف لقواعد البلاغة العربية، وقد جروا هذا المجرى في فهم قوله تعالى: (وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان) فجعلوها كلها مترادفة، وهذا لا يأتي في كلام العربي العادي أبدًا، بل في الركيك من القول أن يتكرر اللفظ مترادفًا بهذا الشكل، وحاشا القرآن أن يكون كذلك.
ولا سبيل إلى القول أنه إذا لم يتب كل منهما صار كافرًا، لأنه صح أنه ذنب دون الشرك فهو معاقب عليه لا محالة في الآخرة – إن لم يتب منه – ولم يقم عليه الحد في الدنيا كما هو مقتضى حديث عبادة بن الصامت السابق ذكره.

(١) "النور" ٣.

1 / 140