Хафиз Наджиб: Адиб-мошенник
حافظ نجيب : الأديب المحتال
Жанры
40
إذن هناك غرض آخر لكتابة هذه الاعترافات، غير السبب الواهي الذي جاء في كلمة سعدية الجبالي! بدليل أن حافظ نجيب يعترف بأن هناك أشياء لا يشرفه ذكرها، فكتمها عن الناس، ولم يصرح بها في اعترافاته! إذن ما زال السؤال الأول مطروحا: لماذا كتب حافظ نجيب اعترافاته؟! ويجيب حافظ على هذا السؤال قائلا: «أولادي يلحون علي لكتابة اعترافاتي. وقد عصيت هذا الإلحاح زمانا طويلا؛ لأنني أنفر من نبش الماضي، ولكن الإلحاح المتكرر وصل إلى حد الضغط الشديد والإكراه ... فخضعت وأطعت. وليس يهمني رأي الناس إذا عرفوا الحقيقة؛ لأنني قسوت على نفسي بحكمي ... ولست أكتب اعترافاتي لهؤلاء، إنما أكتبها لأولادي إجابة لرغبتهم.»
41
وهذا القول يطرح سؤالا آخر! لماذا ألح أولاد حافظ نجيب عليه لكتابة اعترافاته؟! ولماذا قاموا بنشرها بعد وفاته، رغم أن المنطق يقول إنها اعترافات غير مشرفة وتدين صاحبها وتتهمه بالمجون والزندقة والكفر وارتكاب الكبائر! فهل أراد الأولاد تلويث سمعة أبيهم أمام الناس بعد وفاته؟! أليس من الحكمة إخفاء هذه الاعترافات ودفنها مع صاحبها؟!
الواضح أن أولاد حافظ نجيب وقت كتابة ونشر اعترافات أبيهم، كانوا أصحاب مراكز مرموقة، وبلغوا من العمر درجة النضوج، وأصبح لديهم مستقبل مشرق أرادوا الحفاظ عليه، وتنقيته من أية شوائب كانت موجودة في الماضي! وأظن أن الشوائب الموجودة في اعترافات أبيهم كثيرة، ولكنها لا تؤثر عليهم، بل تؤثر على سمعة أبيهم وحده، إلا شائبة واحدة، هي التي يخشون منها، وهي تهمة «النصب والاحتيال»! فهذه التهمة وحدها كفيلة بأن توصمهم بالعار مدى الحياة؛ لأنهم سيوصمون بأبناء النصاب المحتال! والنصب والاحتيال من الصفات التي تلازم الإنسان مدى الحياة، مهما كفر عنها أو ابتعد عنها! أما شرب الخمر وارتياد الملاهي وارتكاب الكبائر، فمن الممكن للإنسان أن يقلع عنها في شيخوخته، ومن الممكن تبرير القيام بها بأنها كانت وقت الشباب وثورته.
والدليل على هذا الأمر، أن حافظ نجيب في اعترافاته، كان يدافع عن نفسه أمام تهمتي النصب والاحتيال بكل قوة، وكان يبرر الاتهامات الموجهة له، بأنها اتهامات من تدبير الأميرة فيزنسكي! وعندما يتعرض إلى اتهام معين من الصعب تبريره، كان يمر عليه مرور الكرام، ولا يوضحه!
وهناك هاجس يراودني، ويتمثل في شكوك حول الاعترافات نفسها! فأنا أشك في أن حافظ نجيب هو الذي قام بكتابة الاعترافات، وأشعر بأن أحدا آخر قام بذلك، من أجل تبرير تهم النصب والاحتيال! وهذا الاحتمال له أسباب عديدة، منها أن حافظ نجيب اعترف بتصرفات مخزية كثيرة، كان منها الكفر! فلماذا يتهرب من الاعتراف بجرائم النصب والاحتيال؟! ومن الأسباب أيضا؛ أن معظم أحداث الاعترافات التي نشرت عام 1946، تم نشرها في مسرحيات وقصص ممثلة ومنشورة منذ عام 1915، قام حافظ بتأليفها وتمثيلها ونشرها، والاعتراف بأنها قصص من حياته! لذلك كان من السهل أن يقوم أي إنسان، بتجميع هذه الأعمال والعبث في بعض أحداثها، ونشرها على شكل اعترافات.
أما آخر الأسباب وأهمها - من وجهة نظري - والذي يؤكد أن هذه الاعترافات تم العبث بها من قبل آخرين، أن حافظ نجيب توقف عن إصدار مجلته «الحاوي»، بعد صدور العدد رقم 41 بتاريخ 24 / 3 / 1927، ثم أعاد إصدار المجلة مرة أخرى عام 1929، وفيها بدأ في نشر اعترافاته، قبل أن تظهر في شكل كتاب بعد وفاته عام 1946! فالعدد الثالث من مجلة «الحاوي» بتاريخ 26 / 8 / 1929، به باب بعنوان «اعترافاتي»! وفي العدد نفسه إعلان يقول: «إن اعترافاتي بقلم حافظ نجيب تظهر في «الحاوي» كل أسبوع باستمرار حتى تتم». وهذا يعني أن الأعداد الأول والثاني والرابع وما بعده، ربما بها حلقات أخرى من «اعترافات حافظ نجيب»! ولكننا لا نملك الدليل على ذلك لفقد هذه الأعداد، حيث إن دوريات دار الكتب المصرية، لا يوجد بها من أعداد مجلة «الحاوي» لسنة 1929 إلا العدد الثالث فقط!
والملاحظ أن حلقة «اعترافاتي» المنشورة في العدد الثالث، كانت تشتمل على عدة أحداث، منها زواج الكونتيس سيجريس وحافظ نجيب عندما كان متنكرا في شخصية البارون في مكتب الأستاذ فاتيكا المحامي بشارع الساحة بتاريخ 1 / 2 / 1909، حيث قضى الزوجان السهرة في جزيرة بالاس أوتيل. وفي أحداث أخرى من هذه الحلقة، وتحت عنوان «عند لويزة فلورانجي» نعلم أن حافظ نجيب كان يسكن بشارع كوبري قصر النيل بالعمارة رقم 15 الدور الثاني، في شقة لويزة فلورانجي، وكان متنكرا في شخصية الخواجا غالي جرجس، وكان على علاقة بلويزة، وعندما اكتشف خيانتها له تركها وذهب للسكن في غرفة مفروشة في شارع أبو السباع أمام الكنيسة عند سيدة إيطالية شابة وجميلة تدعى مادلين، وكان هو متنكرا في شخصية رجل يدعى محمد صبحي أفندي. هذا بالإضافة إلى أن هذه الحلقة بها بعض الأحداث الخاصة بحافظ نجيب عندما كان متنكرا في شخصية الراهب فيلوثاؤس.
ولعل أحد القراء، يعارضني ويقول: إن المسرحيات الممثلة، والقصص المنشورة في مجلة «الحاوي»، والتي قام حافظ نجيب ببطولتها، لا تعتبر اعترافات أو مذكرات؛ لأنها مسرحيات وقصص مكتوبة بأسلوب فني، وهذا يفسر اختلافها في بعض الأمور عن الأحداث نفسها عندما نشرت في الاعترافات! وإذا تقبلنا هذا الرأي، فماذا سنقول أمام حلقة «اعترافاتي» المنشورة عام 1929؟! أليست هذه اعترافات صريحة كتبها حافظ نجيب ونشرها في مجلته، وهو على قيد الحياة؟! فلماذا جاءت هذه الحلقة مختلفة اختلافا كبيرا عن الأحداث نفسها، التي جاءت في كتاب الاعترافات، المنشور بعد مماته؟! ولماذا جاءت بها أحداث، لم نقرأ عنها ولم نعلم عنها شيئا، في كتاب الاعترافات أيضا؟!
Неизвестная страница