وكان بطريرك القسطنطينية قد غضب على القيصر لهذا السبب ولأسباب أخرى؛ فكرس فوقاس وبارك له، وجعله إمبراطورا، ولكن بعد أن تحقق من أرثوذكسيته، ثم قتل الروم موريقا وأبناءه وزوجته وبناتها، ومال القوم على أشياعه وأوليائه، ففقئوا عيون بعضهم، وسلوا ألسنة بعض آخر، ووثبوا على جماعة منهم فقطعوا أيديهم وأرجلهم، وانهالوا على جماعة آخرين جلدا فقتلا.
وصلت أخبار هذه الحوادث إلى رومية وإلى فارس، فكان لها فيهما صدى متخالف متعاكس، فأما رومية فقد ابتهج فيها البابا غريغوريوس، وطلب من الله أن يأخذ بنصر فوقاس، وأن يشد أزره على عدوه، فكانت مكافأته على ذلك أن اعترف له قيصر الروم باللقب الذي طالما منى به نفسه، وهو «الأسقف العام».
وأما فارس فلم يكد يبلغها خبر هذا الانقلاب، حتى امتعض له أبرويز، وأخذته الحفيظة لصداقته مع موريق الذي كانت له عليه اليد البيضاء في إعادة ملك أجداده إليه، وقد التجأ إليه ابن موريق فآواه وأكرم مثواه ووعده برد الأمر إليه.
كذلك كان الحال في إفريقية، فإن هرقل الإكسرخس
Exarque
6 - أي الوالي أو العامل - بلغ منه الحزن منتهاه لتلويث الأرجوان الإمبراطوري بوضعه على جسم ذلك الدخيل فوقاس، فرفض دفع الجزية إليه وامتنع عن الاعتراف به، ومنع عنه الحبوب والغلال التي كانت ترسلها أفريقية إلى القسطنطينية؛ فسجن الإمبراطور في أحد الأديرة زوجة هرقل، واسمها إبيفانيا
Epiphanie ، وعروس ابنه، واسمها أودسيا
Eudossie ، فأراد هرقل أن يحاربه، ولكنه نظرا لشيخوخته ولعاهاته عهد بذلك إلى ابنه هرقل، فاتفق مع نقيطا
Nicétas
ابن عمه غريغور المستبد بأعمال سبيطلة في الحوز الجنوبي لتونس على غزو الإمبراطور وانتزاع الملك منه، على أن هرقل يذهب إليه بحرا وأن نقيطا يسير إليه برا عن طريق لوبيا
Неизвестная страница