والدليل على بطلان تحديدهم أنهم حدوا الكلام بالحروف وقد يحد الحرف الواحد كلاما صحيحا مثل لفظ الأمر من وقى ووشاه من وش وليس ها هنا حروف ولا أصوات ولأنهم ذكروا في الحد الدالة على أغراض
وليس يصح لأن من تلفظ بكلمات لا تفيد لا يسمى متكلما وليس ها هنا غرض ولأنهم قالوا الحروف المنتظمة والأصوات المنقطعة والحروف نفس الأصوات فلا معنى للتكرير فيجب حذفه فإذا حذف يبقى قولهم الأصوات المتقطعة لا تفيد فائدة ما لم يقع الاصطلاح على كونه دالة على غرض فبطل تحديدهم
وأما الدليل على إثبات ما ذكرناه من كلام النفس أن العاقل إذا أمر عبده بأمر وجد في نفسه طلب الطاعة منه وجدانا ضروريا قبل أن يعلمه به ثم يدله على ما في نفسه بلغة أو إشارة أو كتابة فدل ذلك على ثبوت كلام النفس
فإن قيل بم أنكرتم على من قال إن الذي يجده في نفسه إرادة من الأمر امتثال المأمور به
قلنا ليس من شرط الآمر أن يكون مريدا للمأمور سنذكر ذلك وإذا لم تكن الإرادة من شرط الأمر بطل أن يكون ذلك المعنى هو الإرادة
فإن قيل بم أنكرتم على من قال أن الذي يجده في نفسه إرادة يجعل اللفظة أمرا على جهة الإيجاب أو على جهة الندب وليس بكلام
قلنا هذا باطل لأن اللفظ ينقضي بالفراغ منه وذلك الطلب والاقتضاء مستمر الوجود والماضي لا يراد ولكن يتلهف عليه ونحن نعلم ان ما نجده في نفسه الاقتضاء والطلب وليس بتلهف فبطل أن يكون ذلك إرادة
Страница 100