قلنا الباري تعالى لا يتجدد له حكم ولا تتعاقب عليه الأحوال لأنه يلزم من ذلك القول بحدوث الصانع كما لزم القول بحدوث الجوهر لتعاقب الحوادث عليها بل الباري تعالى موصوف بعلم واحد يتعلق بالمعلومات لا يتعدد ولا يتجدد وهو غير مستحيل في العقل
والذي يدل عليه أنا لو قدرنا في الشاهد علما حادثا باقيا متعلقا بمجيء الأمطار غدا وقدرنا استمرار العلم إلى وقت وقوع المطر لم يفتقر حالة وقوعه إلى علم مجدد بوقوعه
والدليل عليه أنا إذا قدرنا علما سابقا على وقوع المطر بأنه سيقع وقدرناه باقيا إلى وقت وقوعه قلنا لا يتعلق العلم السابق بالوقوع يلزمه أن يكون جاهلا بالوقوع في وقت الوقوع أو غافلا عنه مع تقدير دوام العلم وذلك محال
فثبت بذلك أن العلم السابق على الوقوع إذا كان باقيا إلى وقت الوقوع يعني عند تجدد علم وعلومنا وإن لم تكن باقية إلا أن الدلالة العقلية قد تبنى على الموجودات مرة وعلى التقديرات أخرى فإذا لم يلزم في الشاهد تجدد علم عند تقدير علم باق لم يلزم في حق الصناع تجدد علم عند الوقوع لأن علمه السابق باق عند الوقوع
مسألة
عند أهل الحق أن الباري متكلم بكلام قديم أزلي غير مفتتح الوجود وكلام الله تعالى أمر ونهي وخبر واستخبار ووعد ووعيد
وذهبت المعتزلة والخوارج إلى أن كلام الباري تعالى مفتتح الوجود وليس بقديم
Страница 98