ولقد تساءل المخلصون حين حدوث الانقلاب المصري عن سبب تأييد محطة اسرائيل لمحمد نجيب فور استلامه الحكم، وارتفعت حواجب هؤلاء المتسائلين تستغرب زياراته لكنيس اليهود وتودده لهم. واليوم بدأت محطة إسرائيل تهاجم محمد نجيب، وبدأ يتضح أن تودده لليهود كان سببه أنه أراد أن يوضح للرأي العام الدولي أن حركته تحررية، وأنه ابتغى من تلك التصريحات والزيارات أن يطمئن أصحاب الرساميل في مصر - وهم غير مسلمين - بأنه لن يضطهد حتى اليهود؛ فلا مبرر لفرار الأموال من وادي النيل.
ولمحمد نجيب مأثرة يجب أن نتغنى بها، إنه جند ستة آلاف لاجئ فلسطيني.
ماذا في تركيا؟
من مجهولاتنا الواسعة ما لا نعرفه عن جارتنا تركيا. إن عناصر القوة الذاتية في هذه الدولة ما زالت كما كانت منذ القدم؛ فلاحها، وجنديها. وتركيا اليوم - كما كانت تركيا مصطفى كمال، وكما كانت تركيا السلاطين - لا تزال شرقية في روحها ونزعتها. إن الفتاة في تركيا إن مشت وحدها في الشارع بكم قصير سمعت ما لا تحب، والفلاح لا يزال كما كان، حتى أولئك الذين جاءتهم التراكتورات هبات يركبونها للنزهة نحو المدينة. أما الجندي فلا يزال ذلك القادر الجبار الشجاع، ولكن العصر الحربي هو عصر آلات، والتركي كأكثر الشرقيين لا يحسن تسيير الآلة ولا العناية بها. لم يكن في الجيش التركي - حتى منذ شهرين - فرقة مظليين، فالجندي التركي الذي أثار احترام الدنيا ببطولته في كوريا، والذي قهر الروس خلال التاريخ أربعة عشر مرة، له من القوة المعنوية ما يحفز به إلى الإيمان بأنه يقهر الروس في المرة الخامسة عشرة، وهو يهرع بلذة وضراوة إلى جبهة القوقاس في غد إن دوى النفير. ولكن المطلعين يعلمون أن قوة الجيوش تتمركز حول الآلة، والتركي لا يملك الآلة ولا يعشقها.
ويثبت النظرية القائلة بأن التركي لم يتغير بعد انبعاث حركة رجعية. لو أن ساستنا جبابرة لما بقوا أغرابا عن حركة هذا البعث التركي.
أما سبب انكماش الأتراك فيفسره أنهم لم يكونوا عبر التاريخ مثلنا متفتحين على الدنيا، ولا أرسلوا مئات ألوف المغتربين إلى المهاجر، وصهرهم عداء جيرانهم وعدوانهم إلى كتلة متماسكة تطرد عنها كل ما هو غريب.
ألمانيا - إسرائيل
وفي السنة الفائتة ساق الحلفاء بكرباج الإرهاب ألمانيا الغربية إلى إعطاء إسرائيل ثمانماية مليون دولار كتعويض عما أنزله هتلر باليهود. ولقد نجح ساسة الدول العربية بأن استثاروا الرأي العام الألماني ضد حكومتهم التي خنعت للضغط الأميركي البريطاني.
آلات الموت والحياة
واستفادت بريطانيا الكثير من صيتها العسكري كدولة حربية رئيسية حين نجحت بتفجيرها القنبلة الذرية الأولى. وأذاعت السلطات الأميركية أنها اخترعت سلاحا سريا يشل أعمال الغواصات، وروسيا تملك من الغواصات العدد الفتاك المرعب، وثبت أن أميركا توفقت بإنتاج القنبلة الهيدروجينية، وبصنع مدفع ميدان يطلق القذائف الذرية؛ اختراعات يدعي الروس أنها آلات دمار وعدوان، ويقول الغرب إنها أسباب قوة تمنع العدوان الروسي.
Неизвестная страница