المبحث الثاني حالة غير الخلفاء دينيًّا وعلميًّا
تعرضت في المبحث الأول إلى حالة الخلفاء في عصر المؤلف من الناحيتين العلمية والدينية وذكرت ما يدل على اهتمامهم بذلك فيما يخصهم أنفسهم وفيما يخص العامة المتبقية وإن كان قد ظهر اهتمامهم الخاص كل منهم بنفسه من الناحية الدينية استقامة بشخصه واتباعًا للأوامر الشرعية، واجتنابًا للنواهي ومن الناحية العلمية حيث اتضح بعد نظرهم وسموه، وظهر منهم الطموح إلى المعالي في شتى العلوم فيما يخصهم، وظهر منهم التشجيع والتقدير والحب والإكرام فيما يخص غيرهم، إلا أن هذه الصفات لم تكن مقصورة على الخلفاء وحدهم، فقد كان لغيرهم من أفراد المجتمع النصيب الوافي من هذه الصفات، إذ قد كانوا على مستوى رفيع سواء من الناحية الدينية في الامتثال والانقياد للتعاليم الشرعية، وظهور الورع والزهد على الكثير منهم وحرصهم على تطبيق ما يوافق كتاب الله وسنة رسوله وجرأتهم على ذلك مهما كانت العواقب، وسواء من الناحية العلمية في الاضطلاع والتقدم في أنواع العلوم دينية كانت أو أدبية أو غير ذلك وفي هذا المبحث سأتناول حالة غير الخلفاء دينيًّا وعلميًّا مقسمًا ذلك إلى ثلاث مطالب، أولها خاص بورعهم وزهدهم، وثانيهما سيكون الحديث فيه حول جرأتهم على قول الحق وإنكار المنكر، وثالثها فيه بيان وإيضاح لبروزهم في أنواع العلوم.
1 / 33