الذمم وإباحة الفروج وإراقة الدم، فهذا لا يدل على أنه قطع بدليل القياس. فإنه ينتقل بالقياس عنه، وإن كان غير موجب للقطع ولا العلم.
أجاب الحنبلي عن هذا فقال: أما الآي التي ذكرتها، وإن لم تكن موجبة إثبات أصل النبوة، فإنه يكفي أن يحال عليها بتصديق النبي صلع في خبر من أخباره. ودلالة صدقه في ذكره في التوراة وشعبة من شعب الأصل. القطع لا يثبت إلا بدليل قطعي. وأما القول بأنه إنما ثبت عند صدقهم بالوحي بما ذكروه عن التوراة فهذا تعبد. لأن النبي صلعم لو كان تعويله على غير سؤالهم لبينه، لئلا يقطع هذا النظر الفاسد عندك. وهو أن خبرهم عما سئلوا عنه هو المعول عليه. وأما قولك إن خبر الواحد كالقياس فليس كذلك. لأن القياس يترك لخبر الواحد؛ وخبر الواحد لا يترك للقياس. ولأن القياس إنما هو استنباط، وهو عرضة الخطأ؛ والخبر نطق المعصوم. وأما قولك على الشهادة إن القياس يقتضي أن لا تقبل لكن قبلناها لئلا ينفتح باب السخائف والفجور، فهذا منك يعطي أنك احتطت بقبولها. والشرع لا يحتاط في شيء. ثم تبنيه على الدرء والإسقاط؛ وقد بينا ما بني عليه الحد، وأنه على غاية ما يكون من الإسقاط بعد الوجوب، والإغفال عنه قبل الوجوب. ومن بنى شيئًا على الإسقاط لا يعتمد فيه على الاحتياط؛ لأن هذا مناقض لا يليق بالشرع.
1 / 34