(باب القول في أنه يجب اتباع ما سنه أئمة السلف من الإجماع
والخلاف وأنه لا يجوز الخروج عنه.. إذا اختلف الصحابة ﵃
في مسألة على قولين، وانقرض العصر عليه لم يجز للتابعين أن يتفقوا على
أحد القولين، فإن فعلوا ذلك لم يترك خلاف الصحابة. والدليل عليه: أن
الصحابة أجمعت على جواز الأخذ بكل واحد من القولين، وعلى بطلان
ما عدا ذلك، فإذا صار التابعون إلى القول بتحريم أحدهما لم يجز ذلك
وكان خرقًا للإجماع) . انتهى.
٣- إن المصحف الذي جمع عثمان الناس عليه هو صواب ١٠٠%
لا خطأ فيه وحق لا شك فيه فمن أنكره أو شيئًا منه فهو كافر بإجماع
المسلمين، وأما الأحكام الاجتهادية الملزم بها فلا شك في وجود خطأ فيها
لأنها من اجتهاد غير معصوم والخطأ فيها متحتم كما هو معلوم.
٤- إن هذا الذي جمع عثمان الناس عليه هو من جنس خصال الكفارة
من أن الإنسان مخير في واحدة منها فاقتصر على قراءة بحرف واحد كمن
اقتصر فيمن لزمه كفارة على خصلة واحدة منها. وهذا خلاف الإلزام هنا
فهو في أحد القولين أو الأقوال في مسألة الحق فيها في أحد القولين أو
الأقوال. وقد أفصح عن ذلك الحافظ ابن حجر فقال (١):
(والحق أن الذي جمع في المصحف هو المتفق على إنزاله المقطوع
به المكتوب بأمر النبي ﷺ.. وما عدا ذلك من القراءات فمما كانت القراءة
جوزت به توسعة على الناس وتسهيلًا عليهم فلما آل الحال إلى ما وقع من
الاختلاف في زمن عثمان ﵁، وكفر بعضهم بعضًا، اختاروا
_________
(١) فتح الباري ٩ / ٣٠.