وقال بعض المحققين: المراد بكون عثمان ﵁ جمع الناس
على حرف واحد هي وحدة جنسية لا نوعية، أي لا أنه أخذ حرفًا واحدًا
وترك بقية الحروف والله أعلم.
وأما إحراق عثمان ﵁ بقية المصاحف فقد قال الزركشي (١):
وفي الجملة: إنه أي عثمان ﵁ إمام عدل غير معاند ولا
طاعن في التنزيل، ولم يحرق إلا ما يجب إحراقه، ولهذا لم ينكر عليه أحد
ذلك، بل رضوه وعدوه من مناقبه، حتى قال علي ﵁: لَوْ وَليت
ما ولى عثمان لعملت بالمصاحف ما عمل. انتهى.
ومن هذا العرض الموجز لجمع عثمان ﵁ ... يتبين
التصحيح لما عمله عثمان ﵁، أما الاستدلال به فهو قياس مع
وجود عدة فوارق منها ما يلي:
١- إن هذا الجمع الذي جمعه عثمان ﵁ أجمع الصحابة
﵃ عليه فأمضوه، وأما الإلزام برأي أو مذهب معين فعامة
أقوالهم وما وقع لهم من الحوادث والاختلاف فيها تفيد منع ذلك. وسيأتي
بيان طرف من أقوالهم إن شاء الله تعالى في مقام أدلة المنع.
٢- إن عامة القراءات الصحيحة التي لم تنسخ لا خلاف في وجوب
العمل بها كالقراءة المعتبرة في المصحف، أما التقنين أو التدوين للأحكام
الملزم بها - فلا يجوز عند من ألزم بها العمل بما عدا هذا القول الملزم
به، والإجماع على خلاف ذلك. قال الخطيب البغدادي (٢):
_________
(١) البرهان في علوم القرآن ١ / ٢٤٠.
(٢) الفقيه والمتفقه ١ / ١٧٣.