Современная арабская мысль: влияние Французской революции на её политическое и социальное направление
الفكر العربي الحديث: أثر الثورة الفرنسية في توجيهه السياسي والاجتماعي
Жанры
وقد ذكرنا كيف أن هذه الحركات نشطت العلم وصرفت إليه الجهود. والعلم صرح يرتكز على دعائم العقل؛ فلا علم بلا عقل يختبر بالاستناد إلى الحواس والأدوات الفنية المساعدة لها، ولا علم بلا عقل يرجع إلى قوانين المحاكمات العقلية لا إلى موجبات النقل والتقليد، ثم لا علم بلا مباشرة الطبيعة؛ فالطبيعة، بما فيها المخلوق الإنساني، هي ميدان العلم ومجاله الذي فيه يخوض؛ فلولا الطبيعة لبقي العلم بلا موضوع، أو لما كان علم.
وهكذا اتجه المفكرون والأدباء الفرنسيون إلى العقل يصقلونه ويتسلحون به، وإلى الطبيعة يدرسونها ويتعلمون منها، واستعملوا ذلك كله في بحث الاجتماع والدولة والسياسة، وفتحوا الأنظار على النقص الهائل، واشتقوا طرقا إلى الإصلاح.
ولا ريب في أنهم وجدوا لهم معينا في المفكرين البريطانيين وغيرهم، وفي الثورات التي سبقت عهدهم، كثورة «البلدان المنخفضة» على فيليب الثاني الإسباني، وثورة الإنكليز، ثم الثورة الأميركية القريبة العهد.
6
وبالطبع إن قسط كل من هؤلاء المفكرين والأدباء في التهيؤ النفسي للثورة يختلف باختلاف نزعاتهم ودرجاتهم. وكثيرا ما كانت أدوار بعضهم، في هذا الصدد، لا تتعدى هتفة عاطفية يهتفون بها، أو لغزا كاللغم يخفي مظهره المموه قوته الناسفة. وقد يقرأ قارئ خرافات لافونتين في القرن السابع عشر فلا يتنبه إلى ما فيها من المغازي الاجتماعية والسياسية، ثم يقرأ كتاب هيبوليت «تين» عن لافونتين فينشق له حجاب عالم الحيوان، الذي يسبح فيه الشاعر، عن عالم الإنسان، بل عن المجتمع الفرنسي في زمانه. ويمشي القارئ في بهو مليء بالصور سماه تين معرض لافونتين أو متحفه
Galerie de La Fontaine ، فيرى لوحات من المجتمع الفرنسي وسياسته معروضة في أشكال من عالم الحيوان، ووقائع رمزية بين طيور وبهائم. وحكاية المؤتمر العجيب الذي اجتمعت فيه الحيوانات في وقت من أوقات الوباء لتبحث في سبب النكبة، ليست إلا نقدا ثوريا لاذعا سدده الشاعر إلى الحالة الراهنة في فرنسا. وقد أسفر «المؤتمر» عن أن جميع الذنوب والآثام التي اقترفتها المخلوقات الصاعدة في سلم العجماوات، كالأسد وجماعته (أي الملك وحاشيته والهيئات البلاطية)، لم تكن السبب الذي جر النكبة، ولكن قضم الحمار لبعض الحشيش من ساحة الكنائس هو الذي جلب الويل والثبور وعظائم الأمور! وواضح أن ما عناه الشاعر بالحمار الكادح الساذج هو هيئات الشعب التي عليها الغرم ولغيرها الغنم.
7
لكننا، إذا رحنا نتأمل التيار الثوري الفكري في القرن السابع عشر في فرنسا، لم نجد لافونتين منغمسا فيه انغماسا صريحا، وكان حتما علينا أن ندير النظر شطر طائفة من الأدباء والمفكرين يمثلها لبرويير وفنيلون.
كان لابرويير في ملاحظاته وأحكامه الخلقية يرى الناس فريقين: الشعب والعظماء (بمعنى النفوذ والوجاهة في المجتمع). «أما الشعب فلهم باطن طيب (جوهر صالح) وليس لهم مظهر البتة، وأما العظماء فليس لهم إلا الخارج، إلا المظهر وقشرة بسيطة. أيجب الاختيار؟ إني لا أتردد، أريد أن أكون شعبا» (أي من الشعب).
وكان الأديب الراهب فنيلون مثلا رائعا من أمثال الجرأة الفكرية. وفي المؤلفات التي أنشأها تهذيبا للدوق دو بورغون، ولا سيما محاورات الأموات
Неизвестная страница