الثاني: ينجس قليل الماء بقليل النجاسة، وهي رواية البصريين عن مالك.
والثالث: وهو مذهب الشافعي، وأحمد في الرواية الأخرى، اختارها طائفة من أصحابه: الفرق بين القلتين وغيرهما، فمالك لا يحد الكثير بالقلتين، والشافعي وأحمد يحدان الكثير بالقلتين.
والرابع: الفرق بين البول والعذرة المائعة وغيرهما.
والصواب هو القول الأول، وإنه متى علم أن النجاسة قد استحالت، فالماء طاهر، سواء كان قليلا أو كثيرا، وكذلك في المائعات كلها. وقد ثبت من حديث أبي سعيد ﵁، أن النبي ﷺ قيل له: نتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الحيض، ولحوم الكلاب، والنتن؟ فقال: "الماء طهور لا ينجسه شئ". قال أحمد: حديث صحيح، وهو في "المسند" أيضا عن ابن عباس ﵄، أن النبي ﷺ قال: "الماء طهور لا ينجسه شئ". وهذا اللفظ عام في القليل والكثير، وهو عام في جميع النجاسات. وقد أذن في إزالتها بغير الماء في مواضع: منها الاستجمار بالحجارة، ومنها قوله في النعلين: "ثم ليدلكما بالتراب فإن التراب لهما طهور". ومنها قوله في ذيل المرأة: "يطهره ما بعده". فالراجح في هذه المسألة أن النجاسة متى زالت بأي وجه كان، زال حكمها، وإنما المقصود التنبيه على أن النجاسة من باب ترك المنهي عنه، فحينئذ إذا زال الخبث بأي طريق كان حصل المقصود. ثم قال:
الخامس: أن الماء ينجس بملاقات النجاسة مطلقا.
وأما روث ما لا يؤكل لحمه كالبغال والحمير، فهو نجس عند جمهور العلماء. وذهب طائفة إلى طهارتها، وأنه لا ينجس من الأرواث والأبوال إلا بول الآدمي وعذرته، فإذا كان الصحيح في الماء أنه لا ينجس
1 / 9