لقيت شن إيادًا بالقنا ... ولقد وافق شن طبقه وذكر فيه علي بن عبد العزيز قولًا ثالثًا قال: أخبرني إبراهيم بن عبد الله الهروي (١) أن قولهم " وافق شن طبقه " كانا رجلين كاهنين في الجاهلية، سئل كل واحد منهما بغير محضر صاحبه عن شيء فاتفقا فقيل " وافق شن طبقه ".
وذكر الشرقي بن القطامي فيه قولًا رابعًا: زعم أن شنًا كان من دهاة العرب وعقلائها فجعل يضرب في الأرض رجاء أن يظفر بامرأة مثله في العقل والدهاء فيتزوجها، فبينما هو في مسيره وافقه رجل اتفقت نيتهما على إتيان موضع ما، فأقبل شن على الرجل في طريقه فقال له: أتحملني أم أحملك؟ فاستجهله الرجل في قوله وقال له: أنت راكب وأنا ركب فكيف أحملك أو تحملني؟ فسكت شن عنه، وسارا، حتى قربا من قرية فإذا زرع قد استحصد، فقال شن لرفيقه: أأكل هذا الزرع أم لا؟ فقال له: قد جئتنا أيضًا بمحال، فسكت عنه ولم يجبه، [وسارا حتى قربا من قرية] (٢) فدخلا القرية فتلقتهما جنازة فقال شن لرفيقه: أحيًا ترى من على هذا النعش أو ميتًا؟ فأمسك عن جوابه استجهالًا له، وعدل إلى منزل به، وكان للرجل بنت تسمى طبقة، فسألت أباها عن ضيفه، فقال: هو أجهل من لقيت من الناس، وقص عليها خبره فقالت: يا أبة، ما هذا إلا عالم فطن ولكل ما قاله معنى. أما قوله: أتحملني أم أحملك فإنه أراد: أتحدثني أم أحدثك حتى نميط عنا (٣) كلال السفر. وأما قوله: أأكل هذا الزرع فإنما يريد: هل باعه أصحابه فأكلوا ثمنه أم لا. وأما قوله في الجنازة أحيًا تراه أم ميتًا فإنما أراد: هل له عقب يحيا به ذكره أم لا.
فخرج الرجل إلى شن وفسر له ما كان رمز له به فقال شن: ما أنت بصاحب هذه الفطنة فأنبئني من صاحبها. قال: بنت لي. فخطبها فأنكحها منه، وكانت
(١) في هامش ف: إبراهيم بن عبد العزيز الهروي.
(٢) زيادة من س.
(٣) س: حتى أميط عنك.