Философия удовольствия и боли
فلسفة اللذة والألم
Жанры
إن طابع أرسطبس طابع أصيل في الخلق الإنساني، وفي القرن الثامن عشر كانت ميول العصر تناصر هذه النماذج من الشخصيات فإن منتسكيو قد قال عن نفسه، من غير أن يدرك أنه يحيي بما قال فلسفة قديمة ترددت أصديتها بين جنبات قورينة وفي بلاد اليونان وعلى لسان أرسطبس:
إن دورة عقلي قد كونت - لحسن الحظ - بحيث تجعلني شديد الحساسية، فأتأثر بالأشياء ابتغاء الاستمتاع بها، ولكن لم تبلغ حساسيتي بالأشياء حدا، يجعلني أتألم من فواتها.
غير أن هذا الطراز من الفلاسفة قد فقد كل ما كان له من مكانة وأثر في خلال القرن التاسع عشر، فإن أبناء العصر الحديث يرجحون في الحياة طبيعة متقدة، تلتهب بالغيرة، وتفيض بالحماسة على طبيعة تغشاها موازنات الحكيم وثقافة الفنان.
وهذا لا يجب أن ينسينا أن فيلسوف قورينة - فوق ما خصته به الطبيعة من هدوء الطبع، وصفاء الفكر - كان قادرا كل القدرة على أن يدرس حقائق الطبع البشري بكل ما في إمكان العقل من غيرية واستقلال، ولا ريبة مطلقا في أن الحذق في التمييز، والعمق في التحليل، والرشد في استخلاص النتائج، صفات كانت من أخص ما امتاز به رجال شيعة قورينة الفلسفية.
وفي مذهب أرسطبس أثر كبير من أخلاقه الشخصية، فإنه كان ثابت العزم شجاعا، قادرا على ضبط نفسه، وكان من ناحية أخرى مثالا يحتذى في لزوم ذلك التقليد السقراطي الذي يدعو الإنسان إلى الخضوع الأعمى في كل أعماله لكل ما يثبت أنه «الأحسن والأقوم» مع وضع مبدأ سقراط في ازدراء كل ما هو «وضيع وغير جوهري» موضع التطبيق العملي الصحيح، ومن هنا جاء قول أرسطبس: «لخير لي أن أكون مستجديا من أن أكون أحمق بليدا، فإن الأول إن كان بلا مال، فإن الثاني بلا رجولة».
15
ولكن كانت في أخلاقه ناحية أخرى تنزع به إلى التبذل، فإنه لم يأنف أن يأخذ من ذيونسيوس طاغية سيراقوز كل ما استطاع أخذه، فقد نقلت عنه عبارة قالها لذلك الطاغية:
ذهبت إلى سقراط لما شعرت بحاجة إلى المعرفة، وقدمت إليك لما شعرت بحاجة إلى المال.
16
ولم يكن أرسطبس في هذا إلا كلبيا من أعيان الكلبيين، فقد روي عن ديوجينيس الكلبي أنه كان يقول بأن الثروة تقاس دائما بعدد الأشياء التي يستطيع أن يعيش المرء بدون احتياج إليها، ولكنه كان يحتاج إلى بعض المال، فيطلبه من الناس، فذهب مرة إلى مسرف من المسرفين، وسأله أن يعطيه من المال أضعاف ما يطلب من بقية الناس، على قلة ما كان يطلب، فلما سئل في هذا قال: أخشى أن لا أجد عنده ما أطلب، إذا استمر في إسرافه وأمعنت في زهدي.
Неизвестная страница