Шарх аль-‘Акида ат-Тахавия - Халид аль-Муслих
شرح العقيدة الطحاوية - خالد المصلح
Жанры
وصف ما جاء به النبي من الوحي
فرغ المؤلف ﵀ من تقرير هذا الأصل، ثم انتقل إلى تقرير ما يتعلق بالقرآن، لكن المؤلف ﵀ ذكر قبل ذلك شيئًا من أوصاف ما جاء به النبي ﷺ فقال: [بالحق والهدى، وبالنور والضياء]، وهذا وصف مطابق لفظًا ومعنى لما جاء به النبي ﷺ، فإن نبينا ﷺ بعثه الله بالهدى ودين الحق، وبالنور والضياء، الحق في القول والعمل، والهدى في العلم والاعتقاد، ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ﴾ [الفتح:٢٨]، الهدى: العلم النافع، ودين الحق: العمل الصالح، فبعث الله ﷿ رسوله بالحق في الأقوال والأعمال، وبالهدى في العلم والاعتقاد، وقد أثبت الله جل وعلا هذا الوصف فقال: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى:٥٢]، فجعل الله النبي ﷺ هاديًا إلى صراط أثبت له الثبات والاستقرار والاستعلاء والتمكن من الصراط المستقيم، فقال: ﴿إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الزخرف:٤٣]، وانظر كيف أتى بحرف (على) الذي يفيد الاستعلاء والتمكن والاستقرار، فرسول الله ﷺ ثبتت قدمه على الصراط المستقيم ثباتًا متمكنًا عاليًا لا زوال له، وكل من سار على طريقه وأخذ بهديه واتبع سنته فإنه موافق له، وله نصيب من هذا الوصف المذكور (إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) .
ثم قال: [وبالنور والضياء]، أي: ما جاء به النبي ﷺ نور وضياء، ولا ريب أن ما جاء به نور وضياء: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ﴾ [الأنعام:١٢٢]، من أهم وأخص ما جاء به النبي ﷺ: إخراج الذين آمنوا من الظلمات إلى النور، فالله ﷿ أخرج أهل الإيمان بالنبي ﷺ وبما جاء به من الهدى والنور أخرجهم من ظلمات الجهالات والتعاسات والشقاء في الدنيا إلى نور السعادة والعلم والعبادة في الدنيا قبل الآخرة.
أما الآخرة فإنها نور ولا إشكال فيه؛ لأن أهل الإيمان يأتون تضيء لهم أعمالهم على قدر استمساكهم بهدي النبي ﷺ، فبقدر ما مع الإنسان من هدي النبي ﷺ عقدًا وعملًا بقدر ما يكون له من النور يوم القيامة.
وما الفرق بين النور والضياء؟ أما من حيث دلالة المعنى فالمعنى متقارب، لكن الفرق بين النور والضياء: أن النور: نور لا حرارة فيه، وأما الضياء: فإنه نور مع حرارة، قال الله جل وعلا: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا﴾ [يونس:٥]، هل بينهما فرق؟ نعم بينهما فرق؛ الشمس إضاءة ونور مع حرارة، والقمر نور لا حرارة فيه، وهكذا ما جاء به النبي ﷺ، فمنه ما هو نور لا حرارة فيه، ومنه ما فيه حرارة، لكنها حرارة تعقب سعادة ولذة وطمأنينة.
6 / 5