Шарх аль-‘Акида ат-Тахавия - Халид аль-Муслих
شرح العقيدة الطحاوية - خالد المصلح
Жанры
إثبات اصطفاء الله ﷿ للنبي ﷺ
وقول المؤلف ﵀: (المصطفى) هذا فيه بيان ما خص الله ﷿ به رسوله محمدًا ﷺ من الاصطفاء، فإن الله اصطفى نبيه محمدًا ﷺ، والاصطفاء: هو الاختيار، والاصطفاء: افتعال من الاختيار، وأصله اصتفى، لكن الصاد إذا جاءت بعده التاء فإنها تنقلب إلى طاء، وهذا مطرد، فحيثما جاء الصاد وجاءت بعده التاء فإن التاء تنقلب طاءً للمناسبة بينهما، فإن الصاد والطاء من حروف الاستعلاء، بخلاف التاء، فالاصطناع أصلها اصتنع، والاصطلام أصلها: اصتلم، وهلم جرًا.
والمراد: أن الاصطفاء معناه: الاختيار، والاختيار حق لله جل وعلا دون غيره، كما قال الله ﷾: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ﴾ [القصص:٦٨] فذكر الله جل وعلا فعلين من أفعاله: - الخلق، وهذا لا منازع له فيه.
- والاختيار، وهذا الذي وقعت فيه المنازعة من المشركين لرب العالمين.
فقال الله جل وعلا: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ﴾ [القصص:٦٨] والوقف على هذا تتم به الجملة، ثم قال: ﴿مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ﴾ [القصص:٦٨] فنفى الخيرة عن غيره ممن نازعه جل وعلا الاختيار فقال جل وعلا: ﴿مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [القصص:٦٨] فنزه نفسه عن الشركة في الاختيار؛ وذلك لأن الاختيار حق الله جل وعلا، فالله يخلق ما يشاء، ويختار من خلقه ما يشاء.
ولذلك اصطفى الله جل وعلا من خلقه ما شاء الله أن يختار، سواء كان زمانًا أو مكانًا أو شخصًا، فاختار الله من الأزمان على سبيل المثال الجمعة، واختار شهر رمضان، واختار أشهر الحج، واختار الأشهر الحرم.
واختار الله من الأماكن مكة، فاصطفاها وخصها بما خصها به من الأحكام.
وأما الأشخاص فاختار الله ﷿ من خلقه الرسل والأنبياء، وخصهم بخصائص دون غيرهم، قال سبحانه: ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ﴾ [الحج:٧٥]، فالاصطفاء واقع من الملائكة ومن الناس يصطفي الله جل وعلا منهم من يرسلهم.
فالله ﷿ اصطفى رسوله ﷺ وخصه بخصائص كثيرة، وسيأتي ذكر بعض هذه الخصائص في كلام المؤلف ﵀، لكن هل هذا الوصف أخص أوصاف النبي ﷺ؟
الجواب
لا.
ومن هذا نعلم أن الذين لا يذكرون النبي ﷺ إلا بقولهم: المصطفى، أو قال المصطفى، أو فعل المصطفى، يقصرون في حق النبي ﷺ عن رتبته التي أنزله الله إياها؛ لأن الاصطفاء ليس خاصًا بالنبي ﷺ، بل هو له ولكثير من خلقه كما في قوله تعالى: ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ﴾ [الحج:٧٥] فالمصطفون من خلق الله كثر، لكن النبي صلى لله عليه وسلم له الغاية من الاصطفاء، وله أوفر حظ ونصيب من اصطفاء رب العالمين جل وعلا.
والذي اختص به ورضيه ﷺ هو أن يكون عبد الله ورسوله، ولذلك قال ﷺ: (لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله) فهذا أفضل ما يوصف به النبي ﷺ، ولو أن المؤلف ﵀ ذكر هذا في مقدم أوصاف النبي صلى عليه وسلم لكان أوفق.
قال: (وأن محمدًا عبده المصطفى) فالله اصطفاه من بين الخلق، قال النبي ﷺ: (إن الله اصطفى كنانة من بني إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم) فهذا اصطفاء وراء اصطفاء فهو خيار من خيار ﷺ.
5 / 6