(إِذا احتملت رَأْسِي وَفِي الرَّأْس أكثري ... وغودر عِنْد الْمُلْتَقى ثمَّ سائري)
فعنى كل شَاعِر بِلَفْظ سَائِر مَا بَقِي من جثمانه بعد إبانة رَأسه.
وَقد اشْتَمَلت هَذِه الأبيات على مَا يَقْتَضِي الْكَشْف عَنهُ لِئَلَّا يحتضن هَذَا الْكتاب مَا يلتبس شَيْء مِنْهُ.
أما قَول الشَّاعِر الأول: ترى الثور فِيهَا مدْخل الظل، فَإِنَّهُ أَرَادَ بِهِ مدْخل رَأسه الظل، فَقلب الْكَلَام كَمَا يُقَال: أدخلت الْخَاتم فِي إصبعي.
وَحَقِيقَته إِدْخَال الإصبع فِي الْخَاتم، وقلب الْكَلَام من سنَن الْعَرَب المأثورة وتصاريف لغاتها الْمَشْهُورَة، وَمِنْه فِي الْقُرْآن: ﴿مَا إِن مفاتحه لتنوء بالعصبة اولي الْقُوَّة﴾ لِأَن تَقْدِيره: مَا أَن الْعصبَة تنوء بمفاتحه، أَي تنهض بهَا على تثاقل.
وَأما قَول الشنفرى: وَلَكِن أَبْشِرِي أم عَامر، فقد اخْتلف فِي تَفْسِيره، فَقيل أَنه الْتفت عَن خطاب قومه إِلَى خطاب الضبع، فبشرها بالتحكم فِيهِ إِذا قتل وَلم يقبر، وَأم عَامر كنية الضبع، والالتفات فِي المخاطبة نوع من أَنْوَاع البلاغة وأسلوب من أساليب الفصاحة، وَقد نطق الْقُرْآن بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿يُوسُف أعرض عَن هَذَا واستغفري لذنبك﴾ .
فحول الْخطاب عَن يُوسُف ﵇ إِلَى امْرَأَة الْعَزِيز.
وَقيل: بل الْخطاب كُله
1 / 11