والحاصل أنها مما يجب للإمام على المأموم، وإن امتنع منها فقد أخل بواجب، ودليل وجوبها الآية الكريمة: ?أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم?، ولا طاعة لمن امتنع من بيعة الإمام، ولأن فيها قوة لأمر الإمام، وقد يقع بها تهوين أمر من يعاديه، وينتظم بها الحال، ويجتمع به الشمل، وتقع بها السكينة والطمأنينة في قلب الإمام وظنه بنفسه على المأموم، وتحصل بها مراعاة المأموم، لما شملته وتأكد طاعته، ويحاذر من مخالفتها أن يصير منسوبا إلى حزب الناكثين، والدخول في زمرتهم.
وكما أنها تجب حيث طلبها الإمام أولا، فإنه تجب حيث طلبها ثانيا وثالثا لما ذكرناه، والنظر في ذلك إلى الإمام حسبما يراه مصلحة، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بايع الأنصار قبل خروجه من مكة بيعتين، بيعة النساء سميت بذلك لاشتمالها على ما اشتمل عليه بيعة النساء المذكورة في سورة المودة، ثم بيعة العقبة على الموت، وبايع بعد مصيره إلى المدينة بيعتين:
فالبيعة الأولى: بيعة الرضوان، لما أمر عثمان أن يتحسس له أخبار مكة، فبلغه أنهم قتلوه، وهي بيعة الرضوان وبيعة الشجرة(1).
Страница 181