فلو شاء ربي كنت قيس بن خالدٍ ... ولو شاء ربّي كنت عمرو بن مرشدِ
فأصبحت ذا مالٍ كثيرٍ وزارني ... بنون كرامٌ، سادةٌ لمسوّدِ
فدعاه أحدهما عمرو وكان له سبعة أولادٍ فأمرهم فدفع كل واحدٍ إلى طرفة عشرة من الإبل ثم أمر ثلاثة من أبناء بنيه فدفعوا له مثل ذلك. فردّ إبل أخيه وقد ردّها بشعره كما قال، وأقام ينفق من الباقي حتى نفد (١).
نشأ شاعرنا حاد الذكاء فخورًا تياهًا بشعره، لم يراع حرمة لقريب أو كبير فقد سمع خاله المتلمس (٢) مرة يقول:
وقد أتناسى الهم عند احتقاره ... بناجٍ، عليه الصيعرية، مكدم (٣)
فقال طرفة: «إستنوق الجمل» لأن الصيعرية سمة للنوق فضحك القوم وغضب خاله ثم قال: ويل لهذا الفتى من لسانه.
وقد صحت مقولة المتلمس فيه فقد جنى عليه لسانه وأودى به إلى القتل. وقد تضاربت الروايات حول قصة مقتله إلا أن أكثرهم يؤكد حقيقة دامغة وهي أن أخته كانت عند عبد عمرو بن بشر وكان من سادات قومه فجار على أخت الشاعر وظلمها فشكته إليه فهجاه طرفة بقصيدة يقول فيها:
_________
(١) بطرس البستاني: أدباء العرب في الجاهلية وصدر الإسلام.
(٢) المتلمس: جرير بن عبد المسيح بن عبد الله بن دوفن بن حرب بن وهب عن كتاب الأغاني للاصفهاني.
(٣) الناجي: البعير الخفيف الذي ينجو بصاحبه. الصيعرية: سمة توسم بها النوق في بلاد اليمن دون الجمال. ورد هذا البيت في أكثر الروايات للمتلمس إلا أن الشنقيطي رواهُ للمسيب بن علس.
1 / 5