Философские исследования (часть первая): в современной исламской мысли
دراسات فلسفية (الجزء الأول): في الفكر الإسلامي المعاصر
Жанры
الطبيعة: والطبيعة قيمة ثابتة في الوحي منذ البداية عن طريق تسخير كل ما في الكون لصالح الإنسان.
2
الشمس للدفء، والقمر للنور، والكواكب والنجوم هداية، والأرض للسعي والرزق، والماء والهواء والزرع للحياة، والجبال للسكن، والحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس، والسمك والطير للطعام، والأنعام للانتقال. قوانينها ثابتة ودائمة يعرفها الإنسان بالملاحظة والتجربة والعقل والاستدلال، ويسيطر عليها، ومن خلالها يسيطر على الكون، فالإنسان سيد الكون. مظاهرها آيات، والآية ظاهرة طبيعية ونفسية، وكلاهما موضوع تأمل واستبصار.
وقد ظهرت الطبيعة في تراثنا القديم في العلوم العقلية الرياضية والطبيعية خاصة. وأصبح «تاريخ العلوم عند العرب» نموذجا يحتذى به في العصر الوسيط الأوروبي، وكان وراء النهضة العلمية الأوروبية الحديثة، وأصبح من أهم موضوعات معاهد «تاريخ العلوم»؛ فقد أقر الفلاسفة حتمية قوانين الطبيعة.
3
وأصبح الوحي والطبيعة يقودان إلى حقيقة واحدة (حي بن يقظان). وقالت المعتزلة بالكمون والطفرة والتولد. وكانت الطبيعة عند علماء أصول الدين طريقا إلى إثبات الصانع، وموضوعا للعلم سابقا عليه، وأصبحت الطبيعة عند الصوفية إلها تتوحد معه في وحدة الحق والخلق، أو على أقل تقدير مرآة تعكس ذات الله. فالآية ليست فقط الوحي القرآني بل حادثة طبيعية ودليل لإثبات وجود الله. وأقر علماء أصول الفقه بوجود الطبيعة الإنسانية، فكل ما هو طبيعي شرعي، وكل ما هو شرعي طبيعي. الحلال طبيعي، والمباح طبيعي، والإنسان على الفطرة والبراءة الأصلية. الضرورات تبيح المحظورات، ولا ضرر ولا ضرار، والمصلحة أساس الشرع. وكان العمران الإسلامي القديم سكنا في الطبيعة بما فيها من هواء وشمس وزرع وماء وريح وريحان.
ولكننا أسقطنا الطبيعة من الحساب، وحولناها إلى سلب مطلق، موجود حادث، شر محرم، لا قوام له ولا كيان، إيثارا لما وراء الطبيعة، وتمييزا لله بالبقاء وحده. هدمنا الطبيعة بأيدينا، وقضينا على استقلالها وثبات قوانينها. وتحولت الطبيعة من آيات، أي دلالات وعلامات وظواهر طبيعية إلى آيات بمعنى معجزات، أي الخرق المستمر لقوانين الطبيعة. فانتظرنا المعجزات، وطلبنا المدد من السماء، وشحذنا النصر من عنده تعالى. النصر في الحرب معجزة، واكتشاف النفط معجزة، ووفرة المحصول معجزة، وإصلاح الصرف الصحي معجزة. مع أنه لا معجزات في الإسلام.
4
فقد تحولت المعجزة إلى إعجاز أي إلى تحد للقدرة البشرية. كانت المعجزة موجودة في مراحل الوحي السابقة وأدت دورها المحدود في إيمان البعض ولكنها انتهت في آخر مرحلة من مراحل الوحي إعلانا لاستقلال العقل والإرادة وقوانين الطبيعة. كما تحولت الطبيعة في وجداننا القومي إلى محرمات في معظمها حتى أصبح الإنسان يدين نفسه، وجوده وغرائزه، عواطفه وانفعالاته، إحساساته ومطالبه. بل قد تربى لديه إحساس بالذنب في كل لحظة عما يقول ويفعل وعما يحس ويشعر. وأصبح سلوكه سلبيا خالصا بناء على مجموعة من النواهي يلتزم بها، فتولد لديه إحساس بالكبت والحرمان، فينتهي إما إلى المرض أو الغضب. وتحولت براءة الإسلام إلى خطيئة المسيحية. وبدل أن تكون الطبيعة طاهرة ألقينا عليها الأوساخ فغابت النظافة. لم تعد الطبيعة دليلا على وجود الله؛ فالله في القلب يظهر عند العجز والبلاء، عند الضر أو الحاجة. (3)
الإنسان: الإنسان قيمة بنص القرآن، خلق في أحسن تقويم، خليفة الله في الأرض، كرم في البر والبحر، وهب العلم والحواس والقلب والفؤاد. خلق على صورة الله ومثاله، سيد الكون، تسجد له الملائكة، ويعاقب من يعصي السجود. أعطي له الوحي، وأصبح كليما لله، طرفا معه في الحوار، حرا مسئولا، ساعيا في الدنيا، كادحا فيها، بصيرا على نفسه.
Неизвестная страница