Философские исследования (часть первая): в современной исламской мысли
دراسات فلسفية (الجزء الأول): في الفكر الإسلامي المعاصر
Жанры
8
خامسا: المشرق العربي والمغرب العربي
ويتبنى المؤلف هذا المفهوم الخاطئ الذي سار في أقطار المغرب العربي خاصة في المغرب وتونس ثم في ليبيا والجزائر عن خصوصية المغرب العربي في مقابل المشرق العربي، فالمغرب عقلاني والمشرق صوفي، المغرب إخباري والمشرق إنشائي، المغرب علمي والمشرق ديني، المغرب أوروبي والمشرق آسيوي. ويبلغ الغلو بالخصوصية إلى أنها تتحول من حد التمايز إلى درجة القطيعة بين جناحي العالم العربي استنادا إلى «القطيعة الإبستمولوجية» الواردة من ثقافتي الحي اللاتيني واعتزازا وترويجا لباشلار
Bachelard ، وتصل الأحكام أحيانا إلى درجة من القطيعة بحيث تبدو مشابهة لأحكام المؤرخين الأوروبيين الذين وقعوا في أتون العنصرية والشعوبية في القرن الماضي. والأمثلة كثيرة: فالمغرب يستحوذ عليه التبحر في كافة القدرات، في حين أن في المشرق تطمس السيولة اللفظية كل جهد علمي! المغرب يسوده التبحر العلمي حتى ولو كان جافا، والمشرق فكر مجدب متمذهب وغير متمكن من المعرفة! المشرق غارق في الطائفية التي لا يعرفها المغرب.
1
التجديد كله من المغرب حتى ولو كان متمزقا لأن المشرق غير قادر عليه. لقد توقف تقدم المشرق إلى حد التقهقر؛ نظرا لتسلط الدولة ولعدم تطعيم الفكر في المشرق بالثقافة الغربية. أما المغرب فقد استطاع وحده حل مشكلة الأصالة والمعاصرة حين غرق المشرق في القديم وانقطع عن الحداثة. وكيف ينهض الشباب العربي وهو يرى نفسه في المرآة المشوهة للمشرق العربي؟ إلى هذا الحد تبلغ تعسفية الأحكام والتي تصل إلى حد التجريح.
2
وبالرغم من اعتراف المؤلف بأن الثقافة المشتركة بين المشرق العربي والمغرب العربي هي واقع ومعطى نهائي لا يرد إلا أن هذه الثقافة المشتركة لا تعني أي توحيد للمصير السياسي أو الكيان الحضاري. فإذا ما تبنى المشرق العربي فكرة القومية العربية توحيدا لأقطاره؛ فإنها لا تعني بالنسبة للمغرب العربي إلا إطارا ثقافيا عاما لا يمس وجدانها السياسي والقومي. فإذا كانت العروبة بالنسبة للمشرق العربي ثقافة وسياسة، فإنها بالنسبة إلى المغرب العربي مجرد ثقافة!
3
ويستشهد المؤلف في تأكيده على هذا التمايز الذي يتحول إلى تقابل ثم تضاد وتناقض بين جناحي العالم العربي في المشرق والغرب بوصف هيجل لصلة المغرب العربي بالغرب في مقابل صلة المشرق العربي بالشرق إبان المد الاستعماري الأوروبي في القرن الماضي وتحويل أوروبا كلها مركزا تدور حولها الأطراف في آسيا وأفريقيا والأمريكتين. وعلى هذا النحو يكون مصير المغرب العربي هو الغرب في حين أن اتجاه المشرق العربي نحو الشرق، وهي نفس أطروحة المستعمر الفرنسي في احتلاله لشمال أفريقيا ابتداء من الجزائر منذ قرن ونصف. بل إن الدولة العثمانية ذاتها هي أوروبا الشرقية محررة من سيطرة الشرق!
Неизвестная страница