Западные философские исследования
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
Жанры
يظن بعضهم، مثل الشاعر. هينه
Heine ، أن العمل الأساسي لكانط هو «العقل الخالص» وأن أعماله الأخرى مجرد إضافات زائدة عليه. ووصف «نقد العقل العملي» بأنه مجرد أضحوكة! وهذا غير صحيح على الإطلاق؛ لأن فلسفة كانط أساسا هي فلسفة إرادة وحرية، وإن «نقد العقل الخالص» ما هو إلا مقدمة لإفساح المجال لكتابه الثاني «نقد العقل العملي ». وكما قال كانط نفسه في مقدمة الطبعة الثانية لكتاب «نقد العقل الخالص»: «كان لزاما علي هدم المعرفة لإفساح المجال للإيمان.» إن الشك في الظواهر عند كانط، كما هو الحال عند ديكارت وبسكال، مجرد وسيلة لا غاية، وليس وسيلة للاستسلام والتنازل عن الحقيقة، بل لإثبات الاستقلال الذاتي الداخلي في المعرفة والأخلاق للعقل والإرادة في النظر وفي العمل. وهذا لا يمنع وجود فلسفتين متعارضتين لكانط؛ العقلانية (كما هو الحال في المقولات من ناحية)؛ والقانون الخلقي والنزعة الإرادية من ناحية أخرى.
وإذا أخذنا نظرية كانط في الإرادة، أمكننا معرفة بناء كتاب «صراع الكليات»؛ إذ إنه يحتوي على تطبيق لنظرية كانط العملية. فإذا كان الحس السليم هو أعدل الأشياء قسمة بين الناس عند ديكارت، فإن الاستعدادات الخلقية أيضا هي كذلك عند كانط. إنما المهم هو معرفة كيفية تنميتها، فالشعب (العامة) عادة ما يفضل أن يعيش الحياة ويتمتع بها أكثر من أن يسلك طبقا للقانون الخلقي. ومع ذلك فإن من مصلحة الدولة التي تهدف إلى حكم شعب مسالم أن تقيم مؤسسة غرضها البحث عن الحقيقة العلمية والخلقية، وهذه المؤسسة هي الجامعة. وكلية الفلسفة دون غيرها من الكليات الجامعية هي التي تقع عليها هذه التبعة، وتحقيق هذه الغاية. وهي الكلية التي تقوم بدراسة الآداب والعلوم معا، حيث تنضم جميعها تحت لواء الفلسفة. وبالرغم من نبل هذه الغاية وشرف المقصد، يسمي كلية الفلسفة: الكلية «الدنيا»؛ لأنها بالرغم من أنها تتمتع بحرية البحث، إلا أنها لا تشارك في السلطة.
ولما كان المجتمع في حاجة، كي يرشد نفسه، إلى قواعد جاهزة، فإنه بالتالي لا يهتم بالبحث العلمي المجرد أو بالمناقشات النظرية الخالصة، وهنا تأتي الحكومة لتتدخل من خلال وكلائها وممثليها وموظفيها، وهم رجال الدين ورجال القضاء والأطباء، لتنظيم شئون الناس العملية. ويتم إعداد هؤلاء في الكليات «العليا »: كليات اللاهوت، والحقوق، والطب. الأولى غايتها تدريس العقائد التي تحتوي عليها الكتب المقدسة وتقرها الكنيسة، والثانية تدرس القانون وحقوق الشعب، والثالثة تدرس قواعد الصحة وطول العمر. وفي هذه الكليات «العليا»، لا بد من موافقة الدولة على المعلومات التي يتلقاها الطلاب ويعطيها الأساتذة؛ لأنها تتعلق بالصالح العام، وبنظام الدولة، وبصلة الحكام بالمحكومين. ويمكن القول: إن كلية الطب التي تقوم بدراسة الطبيعة، تتمتع باستقلال ذاتي أكبر من الكليتين الأخريين.
هناك إذن تعارض بين مجموع الكليات العليا وكلية الفلسفة؛ لأن هذه الأخيرة تتمتع، أو على الأقل يجب أن تتمتع، بحرية كاملة في الميدان العلمي، في حين أن الكليات الأخرى غير مصرح لها أن تنحرف عن القواعد المقررة لها، والعلوم المسموح لها بتدريسها. وهذا هو منشأ الصراع بين الكليات: بين العلم الحي والمعطيات الميتة، بين الاستقلال الذاتي للذهن وتبعيته للسلطة، أو بين البحث عن الحقيقة والحقيقة الجاهزة، على ما يقول لسنج.
1
ويظهر هذا الصراع في صورتين؛ الأولى سيادة التراث الوضعي أو الديني أو القانوني على حساب الجهد الإرادي الفردي وهو الوحيد الجدير بالاحترام؛ وبالتالي ينشأ الصراع بين القديم والجديد، بين التقليد والتجديد، بين الماضي والحاضر؛ والثانية ضرورة خضوع قوانين الكليات ولوائحها، سواء أكان مصدرها التاريخ أم العقل أو الحس، للمراجعة التي هي عمل العقل، أي خضوع الكليات إلى كلية الفلسفة ورفض الأولى ذلك. وعلى هذا النحو تكون الكلية «الدنيا» هي الكلية الأولى لأن لها حق مراجعة الكليات العليا وفحصها. وهذان الجانبان للصراع لا ينتهيان إلا بانتهاء المجتمع ذاته، وسيظلان طالما أن هناك ذهنا إنسانيا، وإبداعا بشريا، وإنتاجا فكريا وأدبيا وعلميا.
ويبدو هذا الصراع في ثلاثة جوانب؛ عندما يجد الفيلسوف نفسه في مواجهة اللاهوتي أولا، والقانوني ثانيا، والطبيب ثالثا. وتتفاوت أهمية الصراع في كل جانب، نظرا لتفاوت أهمية الكليات العليا، بالرغم من أنها تهدف جميعا إلى خلاص الروح، والخير الاجتماعي، والصحة البدنية. ويرتب كانط الكليات هذا الترتيب طبقا للعقل، وليس طبقا للنظام الطبيعي الذي يضع الصحة البدنية في البداية، وخلاص الروح في النهاية. يريد كانط أن يبين أهمية الصراع بين الفلسفة والدين، أو بين العقل والنقل، على ما يقول علماء أصول الدين في تراثنا القديم، نظرا لضرورة الحرص على الاستقلال الذاتي للذهن، والكمال الخلقي للشعور، وقد عاش كانط هذه الأزمة كما يعرض لذلك في أول الكتاب من جراء حظر الأرثوذكسية (السلفية) مؤلفاته وطغيان التفسير الحرفي للكتاب المقدس، ومن هنا نشأت مشكلة قيمة النص الديني، من حيث صحته التاريخية، أو تفسيره لغويا أو تطبيقه عمليا، من أجل توجيه سلوك الناس. لقد استحسن الكتاب المقدس - في رأي كانط - تكييف الحقائق العملية، طبقا لتصورات العامة وفهمها الضيق، على ما لاحظ أيضا لسنج فيلسوف التنوير. إن الذي يهم في الكتاب المقدس إذن هو الأساس الخلقي، الحقيقة العملية التي ترشد الناس في حياتهم العامة. إن أخلاق الكتاب المقدس هي الضمان الوحيد، وهذا ما يجب على الفيلسوف أن يذكر به اللاهوتيين الذين يظنون أن الإيمان الأعمى بالسلطة الحرفية للكتاب المقدس هو الطريق الوحيد للخلاص، في حين أن الفيلسوف وحده هو القادر على إرجاع كل ما يحتويه الكتاب من روعة وتاريخ ومعرفة إلى العقل. فالعقل هو السلطة الوحيدة اليقينية في موضوع الدين؛ لذلك وجب أيضا، بالإضافة إلى الصراع ضد وثنية السلفية وتشبيهها وتجسيمها وحرفيتها، ألا نحسن الظن بالتصوف، أي الاتجاه الانفعالي الوجداني العاطفي في الدين. لا ينبغي أن تخلب لبنا البطولة الخلقية التي يمثلها أصحاب مذهب القنوت
مثل شبنر
Spener
Неизвестная страница